الجمعة، ٢٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

الفساد (92) الصناعة ودورها في الاقتصاد المصري (4)

الفساد (92) الصناعة ودورها في الاقتصاد المصري (4)
علاء بكر
الأحد ١٨ أبريل ٢٠٢١ - ١٠:٥٠ ص
232

الفساد (92) الصناعة ودورها في الاقتصاد المصري (4)

كتبه/ علاء بكر

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛  

فتلقي قضيةُ المصانع المتعثرة والمتوقفة عن العمل بتداعياتها على الإنتاج والعمالة في مصر، مما يوجب الانتباه لها وسرعة التعامل معها بجدية وفي أقرب وقت ممكن؛ فـ(وَفْقًا لإحصائيات بعضها رسمية -وبعضها غير رسمي- وَصَلَ عددُ المصانع المغلقة منذ عام 2011 م وحتى الآن 4 آلاف و500 مصنع، وخلَّفت وراءها ما يقرب من 250 ألف عامل مصري عاطلين حسب بيان أصدره الاتحاد المصري العمال والفلاحين في أكتوبر من عام 2014 م) (راجح تحقيق: (لغز المصانع المغلقة: مسلسل مستمر) - جريدة صوت الأمة - عدد 3 فبراير 2018 م : ص 6).

فـ(مدينة السادس من أكتوبر بمناطقها الصناعية المتعددة يتواجد بها 670 مصنعًا، تم إغلاقها بسبب تعثراتها المادية ومديونياتها لدى البنوك)، (يعمل بها آلاف العمال أبرزها: مصانع تخصصت في صناعة النسيج والغزل، والملابس، والكيماويات، والأغذية، والصناعات الهندسية، وصناعة الأثاث، ومواد البناء)، (أكثر من 16 مليون عامل مصري في المصانع المصرية، لكن الدولة تتحدث عن استثمارات خارجية وتنسى مشكلات المصانع ورجال الأعمال المصريين، ولا تساعد في أي حلول)، (مصانع يأكلها الصدأ في المنطقة الصناعية الثانية بمدينة السادس من أكتوبر، الطرق شبه خالية مِن المارة، والمصانع أبوابها مغلقة، والتراب يتراكم على جدرانها، لا يتواجد بداخل تلك المصانع أي شخص سوى (خفير) يحرس أبوابها الحديدية التي يأكلها الصدأ! عدد كبير من هذه المصانع أغلقت بسبب تعثرها المادي) (المصدر السابق بتصرفٍ).

(كانت هناك مبادرة قامت بها حكومة إبراهيم محلب في عام 2014 م وقت تولي منير فخري عبد النور وزارة الصناعة؛ بأن تصرف الحكومة 500 مليون جنيه لحل أزمة المصانع المتعثرة، وقتها فتحت الوزارة أبوابها لأصحاب المصانع المتعثرة لتسجيل بياناتهم، وتلقت 956 طلبًا من تلك المصانع المتعثرة للاستفادة من مبادرة الحكومة في التمويل في حال اعتماده؛ إلا أن فخري عبد النور صَرَّح بأن الوزارة لا تستطيع صرف الـ500 مليون جنيه الخاصة بحل مشكلة المصانع المتعثرة بسبب رفض محافظ البنك المركزي إعطاء هذه القيمة من الأموال) (راجع المصدر السابق).

وفي عام 2017م (صَرَّح وزيرُ الصناعة والتجارة المهندس طارق قابيل بأن هذا العام سيكون العنوان الأبرز لإغلاق ملف المصانع المتعثرة نهائيًّ،ا والذي ظل عالقًا لأكثر من 5 سنوات) (المصدر السابق). ومع ذلك فما زالت الأزمة كما هي، بل زادت مع تفشي فيروس كورونا. 

أزمة مع رأس المال الوطني:

قال الكاتب فاروق جويدة في مقال له بعنوان: (رجال الأعمال: ما لهم وما عليهم): (لقد تابعت عبْر سنوات طويلة علاقة الحكومات المتعاقبة مع رجال الأعمال منذ هوجة الانفتاح في السبعينيات، وحتى رحيل النظام السابق في 2011 م)، (كنت أعرف الكثير من الأسماء، وأعرف أيضًا كيف بدأت مسيرتهم، وفي أي موقع دخل دولاب العمل الرسمي، ابتداء بمسلسل توزيع الأراضي، وانتهاء بسياسة بيع القطاع العام، وبرنامج الخصخصة وما حدث فيه من جرائم ولا أقول تجاوزات. هناك مجموعة مؤشرات حكمت العلاقة بين الدولة ورجال الأعمال في علاقة ثنائية لا أعتقد أن الشعب -صاحب الحق- كان طرفًا فيها! هناك حكومات تصرَّفت مع رجال الأعمال بمنطق البيع والشراء؛ أنها -أي: الحكومة- تملك كل شيء، ورجال الأعمال هم أصحاب الحق في اقتسام كل شيء مع الحكومة! وربما كان هذا هو السبب في أن موارد الدولة المصرية وأصولها قد تم اقتسامها بين مجموعات الفساد في الحكومات المتعاقبة، ومَن حصل على قدرٍ كبيرٍ من الثقة من رجال الأعمال.

وهنا يمكن أن نتحدث عن الظواهر التي أكَّدت ذلك كله:

أولًا: لا يمكن تجاهل مسلسل توزيع الأراضي؛ سواء كانت زراعية أو عقارية أو صحراوية، وقد قامت الدولة بتخصيص مساحات مهولة لبعض الأشخاص نظير مقابل مادي هزيل، وقد حدث ذلك في الأراضي الصحراوية والمناطق السياحية في الغردقة، وشرم الشيخ، والمدن الساحلية، وكان هذا المشروع من أكبر مصادر الثروة في مصر طوال الأعوام الثلاثين الماضية.

إن تجارة الأراضي هي الاستثمار الوحيد الذي شجَّعته الحكومات بعيدًا عن أي مصادر استثمار أخرى في الصناعة والزراعة باستثناء السياحة، وكانت تجارة الأراضي هي أكبر مصادر الثروة فيها، وللإنصاف فإن البعض أقام مشروعات، ولكن الأغلبية تاجرت في الأراضي.  

ثانيًا: لا أحد حتى الآن يستطيع أن يحدد خسائر الاقتصاد المصري في بيع مشروعات القطاع العام، في ظل برنامج مشبوه اسمه الخصخصة. وللأسف الشديد: أن الدولة وبعد ثورتين، وسقوط نظامين، وخلع رئيسين؛ لم تقترب من قريبٍ أو بعيدٍ مِن هذا الملف، وهو في تقديري من أكثر الجرائم التي تم ارتكابها في حق المصريين.

ثالثًا: مِن أهم الملفات التي أغلقت عليها الأبواب هو ملف قروض رجال الأعمال، وكانت في عام 2000 م قد وصلت إلى أرقام مخيفة، وكان أخطر ما فيها أن البنوك قدَّمت قروضًا ضخمة لرجال الأعمال، بل ضمانات وأيضًا بلا مشروعات، واختصرت كل أنشطتها في تجارة وإنشاء العقارات والمضاربات في البورصة، وتجارة العملة وعمليات السمسرة.

ولم تشهد مصر في هذه الفترة أي إنجازات في مجالات الصناعة أو الزراعة، بل على العكس تم إهدار مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية التي تحوَّلت إلى مبانٍ ومنشآتٍ، حتى إن البعض يقدِّر ما خسرته المساحة الزراعية في مصر بأكثر من مليوني فدان في ثلاثين عامًا، تحولت إلى كتل من الطوب والأسمنت.

وفي الجانب الآخر: كان التركيز على استيراد السلع الصناعية؛ خاصة السلع الغذائية، ولم تنجح مصر في إنشاء صناعات جديدة في أي مجال من المجالات، باستثناء تجميع السيارات المستوردة أو مصانع المشروبات، أو الأسمنت والحديد مِن أجل خدمة الاستثمارات العقارية التي التهمت أموال المصريين.

رابعًا: أمام التوسع في حجم القروض، تعثر عددٌ كبيرٌ مِن رجال الأعمال في عمليات السداد، ولم تكن تصرفات الحكومات المتتالية على مستوى المسئولية في علاج هذه الملفات؛ فقد أنصفت البعض بينما ظلمت البعض الآخر، طبقًا لحسابات ومواقف أبعد ما تكون عن الإنصاف والعدالة، والاستثمار الحقيقي.

خامسًا: حينما جاءت ثورة يناير وأطاحت بالنظام السابق، كانت ثلاثية الماضي بين الدولة ورجال الأعمال تمثِّل عقبة شديدة أمام فريق لا يريد أن يتنازل عن مكاسب حققها في عشرات السنين، وحكومات اعتادت على منظومة الفساد التي أصبحت لها جذور. وكانت الثلاثية الخطيرة التي حكمت هذه العلاقة، تنحصر في: مأساة القروض، وكارثة الخصخصة، ومسلسل توزيع الأراضي) (راجع مقال: (رجال الأعمال: ما لهم وما عليهم) للكاتب فاروق جويدة - الأهرام عدد الجمعة 8 ديسمبر 2017 م، ص 13 بتصرف)

ويضيف الكاتب: (هنا حدثت جفوة بين رجال الأعمال والدولة، مع شعور غامض لدى رجال الأعمال بأن الدولة لا تريد التعاون معهم كما كان يحدث في الماضي، وأن قضايا الفساد أصبحت سيفًا مسلطًا على الجميع، ومع تجاهل واضح من الدولة لدور رجال الأعمال ومدى الرغبة في الاعتماد عليهم. أمام هذه العلاقة الباردة انسحب رجال الأعمال بعيدًا عن مشروعات الحكومة؛ خاصة أن هناك طرفًا جديدًا ظهر في المعادلة، وهو: الجيش، وهو الأكثر حسمًا وشفافية، وسرعة في الإنجاز؛ خاصة في تنفيذ المشروعات الكبرى؛ مما جعل رجال الأعمال يتجهون إلى أعمال تجارية سريعة، مثل: تجارة العملة، والسلع الغذائية، وتجارة الأراضي والعقارات) (المصدر السابق).

ويضيف الكاتب: (إن رجال الأعمال الذين اعتادوا على معاملة؛ خاصة من مؤسسات الدولة في الماضي القريب يرون أنهم الآن بعيدون تمامًا عن اهتمام سلطة القرار. إن الدولة تستقبل رؤساء الشركات الأجانب، وتجري المباحثات معهم بكل الترحيب، بينما لم تشهد الساحة لقاء مسئول كبير، ورجل أعمال مصري أو مجموعة من رجال الأعمال؛ رغم أن فيهم أسماء تتمتع بسمعة دولة وإقليمية، كما أن فيهم مَن لم يتورط في تجارة الأراضي أو صفقات الخصخصة، ولم يحصل على قروض من أموال الدولة، وهذا يعني أن الدولة ليست لديها الثقة الكاملة في رجال أعمالها.

ما زالت هناك حلقات مفقودة بين الدولة ورجال الأعمال حول تصفية بعض القضايا المعلَّقة؛ خاصة في الأراضي، ومتأخرات الضرائب، وما بقي من مسلسل القروض، وأن الدولة لا تبدي الجدية الكاملة في إنهاء هذه الملفات، في حين أنها انتهت من حسم ملفات كثيرة أمام القضاء بالنسبة لعددٍ كبيرٍ مِن رموز النظام السابق انتهت بأحكام قضائية بالبراءة. ويطالب رجال الأعمال بإنهاء ما بينهم وبين الدولة من الأزمات والمشاكل حتى يستعيدوا أنشطتهم من جديد.

إن الدولة ما زالت -كما يقول رجال الأعمال- تريد منهم أموالا وهم يريدون مشروعات، وأعمالًا جديدة، والفرق كبير بين مَن يفرض حقوقًا ومَن يدعو للمشاركة؛ خاصة أن الكثيرين منهم قد توقفت أنشطتهم تمامًا.

والدليل: أن الدولة حتى الآن ليست جادة في دعم رجال الأعمال، فهناك آلاف المصانع المغلقة التي ترفض الدولة حتى الآن توفير الموارد المالية والقروض لتشغيلها، بل إن البنوك لا تشجِّع أبدًا إنقاذ هذه المشروعات، رغم ما تحملته الدولة من خسائر طوال السنوات الماضية.

يضاف لذلك: أن هناك قضايا معلقة بين الدولة وعددٍ مِن رجال الأعمال لم تُحسم بأي صورة من الصور، هناك مشروعات توقفت كانت سببًا في زيادة معدلات البطالة؛ خاصة في مجال السياحة، ولم تقدِّم الدولة الدعم اللازم لأصحاب هذه المشروعات، وفيها أكثر مِن أربعة ملايين عامل.

هناك أضرار كبيرة لحقت برجال الأعمال في عمليات الاستيراد؛ خاصة أن البنوك تطالبهم بالتعامل مع سعر الدولار الجديد، أي: أن مَن اقترض مليون دولار بالسعر القديم عليه الآن سدادها مع الفائدة بالسعر الجديد.

إن رجالَ الأعمال يشعرون الآن بأن الدولة قد استغنت عن خدماتهم وأنشطتهم، وهم في نفس الوقت يطلبون الدعم من مؤسسات الدولة، مثل: البنوك، وأجهزة الاستيراد والتصدير، والضرائب والجمارك، وكل مؤسسات الدولة المساعدة التي تحمي أنشطتهم وأموالهم، وتشعرهم أن الدولة حريصة عليهم.

لا شك أننا أمام قطاع مهم للغاية وهم رجال الأعمال؛ إنهم مثل الابن الذي دللـه والده في بداية حياته حتى أفسده، ومطلوب منه الآن أن يلتزم وأن يعمل، وهذه هي الأزمة الحقيقية بين رجال الأعمال والدولة المصرية أنهم يريدون نفس المكاسب التي حصلوا عليها في يوم من الأيام، والدولة لم يعد لديها ما تقدمه الآن، بل إنها تطالبهم بسداد حق الشعب في أموالهم بأثر رجعي. وهناك ملفات كثيرة تم إغلاقها في برنامج الخصخصة، وبيع أصول الدولة أو مسلسل توزيع الأراضي أو قضايا القروض مع البنوك، وقبل هذا وكله أن الدولة تفتح الآن ملفات كثيرة للفساد، وهي قد تطول أسماء ورموز كثيرة) (المصدر السابق بتصرفٍ يسيرٍ).

وفي مقال له بعنوان: (مَن يحمي أموال الشعب مِن إسراف الحكومة؟) كتب في يوليو 2017 م، قال الكاتب فاروق جويدة: (إن الشيء الغريب أنه رغم كل هذه الحصيلة مِن الأموال التي جمعتها الحكومة مِن مصادر عدة، بقي بند الاستثمار الأجنبي محدودًا للغاية، ولم يتجاوز أربعة مليارات، وهذا رقم بسيط جدًّا أمام حكومة تسعى لتشجيع الاستثمار الخارجي)، (لقد نجحت الحكومة في جمع أرقام ضخمة؛ سواء من زيادة الأسعار أو تشجيع الادخار برفع سعر الفائدة، وقد تجاوزت ودائع البنوك المصرية مبلغ 3 تريليونات جنيه؛ إلا أن القضية ليست في جمع الأموال، ولكن في استثمارها، هذا بخلاف أذون الخزانة سواء كانت بالجنيه المصري أو العملات الأجنبية؛ إننا لا نعلم شيئًا عن استخدامات الودائع المصرفية في البنوك، وهل هي أموال مكدسة أم مشروعات وإنتاج وعمالة.

إذا بقيت الودائع في البنوك بلا استخدام فهي خطر كبير؛ لأن مسئولية البنوك ليس تخزين الأموال، ولكن أهم مسئولياتها: تشجيع الإنتاج، وفتح فرص العمل، ومواجهة البطالة؛ خاصة أن البنوك الآن تدفع فوائد كبيرة في شهادات الاستثمار)، (إن البنوك ليست حصالة لجمع المدخرات، ولكنها أحدث ما وصل إليه الإنسان في إبداع وسائل جديدة للإنتاج والاستثمار، وتوفير فرص العمل، والقضاء على البطالة).

ويضيف: (نحن أمام كتلة مالية ضخمة دخلت على الجهاز الحكومي بكل مؤسساته، ولو أننا جمعنا هذه الأرقام فسوف نكتشف أنها لم تدخل يومًا من الأيام وبهذا الحجم في نطاق ميزانية الدولة المصرية. إن هذا يعني أن الحكومة مطالبة أن تعلن للشعب في أي المجالات اتجهت هذه الأموال... أين حصيلة أسعار الخدمات من الكهرباء إلى الغاز إلى البنزين؟ وأين حصيلة القروض التي حصلت عليها مصر سواء من صندوق النقد الدولي أو المؤسسات البنكية العالمية أو حنى قروض الحكومة من البنوك المصرية، وهي فيما يبدو أرقام كبيرة؟!

هناك أيضًا مزادات بيع أراضي الدولة؛ سواء كانت للإسكان أو الزراعة، أو المشروعات الاستثمارية، والشيء المؤكَّد: أن الدولة باعت مساحات ضخمة؛ سواء في مشروعات بيت الوطن أو المدن الجديدة أو المناطق الزراعية؛ يضاف لذلك: المبالغ التي حصلتها لجنة استرداد أراضي الدولة برئاسة المهندس إبراهيم محلب.

بقيت عندي نقطة أخيرة تحتاج إلى دراسة أعمق من الحكومة، وهي: قرارات طرح بعض شركات قطاع الأعمال في البورصة، ومنها: البترول والبنوك، كما أعلنت الحكومة أخيرصا، وهذه القرارات لا بد أن تدرس بجدية؛ خاصة أن لنا تجارب سابقة مع الخصخصة وبيع القطاع العام كانت لها نتائج سيئة، ابتداءً بتحويلها إلى عقارات ومباني وانتهاء بتسريح العمال فيها، وزيادة طوابير البطالة.

إذا كانت الحكومة تفكر في طرح هذه المشروعات في البورصة؛ فلا بد أن تضع من الضمانات ما يؤكد الشفافية في عمليات الطرح خاصة للشركات الناجحة.

وفي زمان مضى كانت هدايا الأسهم توزع على كبار المسئولين في السرِّ قبل أن تطرح رسميًّا في البورصة.

في زمان مضى كانت الشركات الناجحة تطرح للبيع، وبقيت الشركات الخاسرة تمثِّل عبئًا على الاقتصاد المصري. 

ويبدو أننا نرتكب نفس الأخطاء للمرة الثانية، حيث تعرض شركات البترول -وهي مؤسسات واعدة- أمام الاحتمالات الطيبة في حقول غاز المتوسط التي بدأت بشائرها تطل علينا، وكلنا يتمنى أن تكون من نصيب الشعب.

هذه بعض التساؤلات التي أجد من الضروري أن تجيب عنها الحكومة؛ خاصة أننا أمام أرقام ضخمة، وقرارات سريعة، وسياسات لم تناقش على أي مستوى بعيدًا عن سلطة القرار؛ فلا أقل من أن تكون الحكومة واضحة أمام مواطنيها) (راجع مقال: (مَن يحمي أموال الشعب من إسراف الحكومة؟) للكاتب فاروق جويدة - الأهرام عدد الجمعة 14 يوليو 2017 م، ص 13 بتصرفٍ يسيرٍ).

وفي مقال آخر له كتبه في أبريل 2018 م بعنوان: (قراءة في الميزانية ومعاش الوزراء) قال فاروق جويدة: (إن الحكومة في أحيانٍ كثيرة لا تدرك صعوبة المرحلة التي تمر بها مصر؛ خاصة في بنود الإنفاق الحكومي؛ لأنها تتصرف وكأننا دولة غنية. إن الحكومة التي ترفع مرتبات وزرائها ومعاشاتهم بهذه المبالغ الضخمة حكومة غنية، ولديها موارد ضخمة، ولا تعاني عجزًا رهيبًا في الميزانية!

ماذا تقول هذه الحكومة ونصف موارد الميزانية ضرائب وجمارك تصل إلى 760 مليار جنيه؟!

ماذا تقول هذه الحكومة عن حجم الدَّين، وقد وصل إلى أرقامٍ مخيفةٍ حتى إن الفوائد السنوية على الدَّين الداخلي والخارجي قد وصلت إلى 541 مليار جنيه؟! أي: أكثر من مليار ونصف مليار جنيه يوميًّا!

إن مواكب السيارات، والمكاتب، والمنشآت، والأسفار الخارجية التي زادت عن الحدِّ؛ تؤكِّد: أننا أمام حكومة غاية في الثراء!

هناك ملاحظة أخرى: أين الإنتاج في ميزانية الدولة؟!

أين الدخل من الزراعة والصناعة والصادرات؟!

وأين موارد السياحة؟!

بل أين الاستثمارات الأجنبية بعد كل ما أصدرنا من القوانين والتشريعات؟!

إن كل إيرادات الدولة 980 مليار جنيه، منها: 760 مليار من الجمارك والضرائب، أي: مِن الجباية؛ فأين حصيلة الإنتاج في كل منشآت الدولة؟!).

ويقول أيضًا: (لا أحد يعلم شيئًا عن حجم الإنتاج في الدولة المصرية، وماذا يفعل المصريون؟ وماذا ينتجون؟ حتى أرقام الصادرات غير واردة من حيث الأهداف والاحتمالات. وهنا يجب أن نسأل: أين الزراعة المصرية؟ وما حجم صادرتنا منها الآن؟ وما المحاصيل التي نجد لها أسواقًا في الخارج؟ وما حصيلة ذلك كله من موارد العمولات الصعبة؟ وأين الصناعة المصرية ونحن الآن نستورد عشرات السلع الصناعية ليس من أوروبا، ولكن من الدول الغربية الشقيقة؟! إن الأدوية والسلع الغذائية والصناعية من دولة الإمارات العربية والسعودية؛ فأين صناعات مصر؟! وأين منتجاتنا القديمة التي كانت توفِّر جزءًا كبيرًا مِن احتياجاتنا في الداخل؟! هذه الأمور لابد أن نناقشها بكل الشفافية والوضوح).

(إن الأهم والأخطر من ذلك كله: ما موقف الحكومة مِن الاقتصاد غير الرسمي... ؟! إذا كانت الميزانية قد رصدت حجم المشاكل، والموارد والنفقات، والعجز والديون؛ فأين في ذلك كله موقف اقتصاد الشارع الذي لا نعرف عنه شيئًا؟! إن هناك الآلاف مِن المصانع التي تنتج سلعًا ولا أحد يعرف مستوى الأمان في هذه السلع، ومنها: الأدوية. وهناك أيضًا المقاولات، وهي أكبر نشاط اقتصادي في مصر الآن من حيث العمالة والإنفاق وحجم الأنشطة. هناك اعتداءات صارخة على الأراضي الزراعية التي تحولت إلى عقارات، وهناك آلاف الملايين من الجنيهات التي دَخَلَتْ جيوب المستثمرين في هذه المجالات. وبجانب هذا؛ فإن المولات الكبيرة، وتجارة السلع بكل أنواعها تمثِّل موارد اقتصادية ضخمة) (انظر مقال: (قراءة في الميزانية ومعاش الوزراء) للكاتب فاروق جويدة - الأهرام - الجمعة 27 أبريل  2018 م، ص 13 بتصرفٍ)

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

تصنيفات المادة