الجمعة، ١٨ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٢٦ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

العفو عن السارق بعد رفع أمره للقضاء الوضعي، والصلح بعوض في الحدود الشرعية

1- امرأة سُرق منها في الفرن "بُك النقود" الخاص بها، والذي كان يحتوي على مبلغ 400 جنيه، ولم تنتبه هي، ولكن الناس انتبهوا لذلك، وأمسكوا بالفتاة التي سرقته، والتي كانت تقريبًا في سن الخامسة عشرة من عمرها، والمرأة لم تر الفتاة، ولكن الناس شهدوا بذلك، فسُلِّمت الفتاة إلى الشرطة وأخذت القضية دورتها، وفي يوم النطق بالحكم سعى المحامي عن الفتاة إلى المرأة المسروقة وأقنعها بالتنازل وأن الفتاة صغيرة ونحو ذلك.. وبالفعل تنازلت المرأة. ونحن الآن نسأل: هل هذا صواب أم لا؟ وهل هناك إثم باعتبار أن الحدود إذا وصلت إلى السلطان وجب تطبيقها؟ أم هذا غير معتبر؛ لأن محاكمنا محاكم وضعية؟ وهل كان مِن الأولى أن تُقدَّم الفتاة إلى المحاكمة لتأخذ أي عقوبة تردعها عن السرقة ولو بالحبس طالما لم يُطبق حد القطع عليها في الدولة؟ نرجو الإفادة. 2- أيضًا يا فضيلة الشيخ: في فتاوى الجمعة التي على موقع "أنا السلفي" بتاريخ: الجمعة 17 ذي القعدة، و22 أكتوبر 2010، سمعت لكم فتوى عن رجل يسأل عن: حكم التنازل عن حكم بالحبس صدر له في شهادته على رجل بالزنا في مقابل أخذ مال على ذلك، فضربت فضيلتك أمثلة جاء منها: "أن الزاني الذي حكم عليه بالحبس لا يجوز لأحد أن يأخذ مالاً منه في مقابل التنازل عن الحكم بحبسه، لأن حكم الحبس على الزاني يجب إبطاله فلا يؤخذ مال على الواجب إبطاله". والسؤال: ما وجه هذه الفتوى أليس حبس هذا الزاني أولى من تركه طليقًا بغير عقوبة؟ وهل لأجل أنه لا يُجلد ولا يرجم لا توقع عليه أي عقوبة رادعة ولو كانت ستة أشهر كما ذكرت حضرتك؟ مع العلم أن في سؤال لكم أيضًا قبل ذلك ذُكِر لي أنكم أفتيتم أحد المحامين الذي قال لكم إنه يترافع عن بعض المجرمين السارقين وأراد أن يطلب لهم البراءة؛ لأنه كده كده لن يطبق عليهم حد القطع، ولو دخلوا السجن سيخرجون أسوأ بكثير، فقلتم له: بل السجن أولى لهم؛ لأنه نوع عقوبة، وهذا أفضل مِن ألا يُعاقبوا؛ فكيف التوفيق بيْن ما سبق؟

العفو عن السارق بعد رفع أمره للقضاء الوضعي، والصلح بعوض في الحدود الشرعية
الخميس ٢١ يوليو ٢٠١١ - ١٧:٣٢ م
5095

السؤال:

1- امرأة سُرق منها في الفرن "بُك النقود" الخاص بها، والذي كان يحتوي على مبلغ 400 جنيه، ولم تنتبه هي، ولكن الناس انتبهوا لذلك، وأمسكوا بالفتاة التي سرقته، والتي كانت تقريبًا في سن الخامسة عشرة من عمرها، والمرأة لم تر الفتاة، ولكن الناس شهدوا بذلك، فسُلِّمت الفتاة إلى الشرطة وأخذت القضية دورتها، وفي يوم النطق بالحكم سعى المحامي عن الفتاة إلى المرأة المسروقة وأقنعها بالتنازل وأن الفتاة صغيرة ونحو ذلك.. وبالفعل تنازلت المرأة.

ونحن الآن نسأل: هل هذا صواب أم لا؟ وهل هناك إثم باعتبار أن الحدود إذا وصلت إلى السلطان وجب تطبيقها؟ أم هذا غير معتبر؛ لأن محاكمنا محاكم وضعية؟

وهل كان مِن الأولى أن تُقدَّم الفتاة إلى المحاكمة لتأخذ أي عقوبة تردعها عن السرقة ولو بالحبس طالما لم يُطبق حد القطع عليها في الدولة؟ نرجو الإفادة.

2- أيضًا يا فضيلة الشيخ: في فتاوى الجمعة التي على موقع "أنا السلفي" بتاريخ: الجمعة 17 ذي القعدة، و22 أكتوبر 2010، سمعت لكم فتوى عن رجل يسأل عن: حكم التنازل عن حكم بالحبس صدر له في شهادته على رجل بالزنا في مقابل أخذ مال على ذلك، فضربت فضيلتك أمثلة جاء منها: "أن الزاني الذي حكم عليه بالحبس لا يجوز لأحد أن يأخذ مالاً منه في مقابل التنازل عن الحكم بحبسه، لأن حكم الحبس على الزاني يجب إبطاله فلا يؤخذ مال على الواجب إبطاله".

والسؤال: ما وجه هذه الفتوى أليس حبس هذا الزاني أولى من تركه طليقًا بغير عقوبة؟ وهل لأجل أنه لا يُجلد ولا يرجم لا توقع عليه أي عقوبة رادعة ولو كانت ستة أشهر كما ذكرت حضرتك؟

مع العلم أن في سؤال لكم أيضًا قبل ذلك ذُكِر لي أنكم أفتيتم أحد المحامين الذي قال لكم إنه يترافع عن بعض المجرمين السارقين وأراد أن يطلب لهم البراءة؛ لأنه كده كده لن يطبق عليهم حد القطع، ولو دخلوا السجن سيخرجون أسوأ بكثير، فقلتم له: بل السجن أولى لهم؛ لأنه نوع عقوبة، وهذا أفضل مِن ألا يُعاقبوا؛ فكيف التوفيق بيْن ما سبق؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

1- فإنما يَلزم إقامة الحدود إذا وصلت للسلطان المسلم الذي يَحكم بالشرع، وأما مَن يحكم بالقوانين الوضعية فكأن الأمر لم يصل للسلطان؛ ولذا جاز التنازل عن القضية -دون كذب-، وأنا أظن أن التنازل عن القضية في حالة بنت الخامسة عشرة -إذا لم تكن صاحبة سوابق- أولى؛ لأن السجن في هذه السن -ولو سجن الأحداث- سيزيدها إجرامًا.

2- قد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- فيمن افتدى مِن زوج الزانية بمائة شاة ووليدة: (لأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ أَمَّا الْوَلِيدَةُ وَالْغَنَمُ فَرَدٌّ عَلَيْكَ، وَعَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ، وَأَمَّا أَنْتَ يَا أُنَيْسُ فَاغْدُ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا فَارْجُمْهَا). فَغَدَا عَلَيْهَا أُنَيْسٌ فَرَجَمَهَا. (متفق عليه)، ولا يجوز لعالم ولا لغيره أن يُبدِّل عقوبة محددة شرعًا بغيرها، بل لابد من الإفتاء بإبطالها.

وأما القاضي فيمكن أن يَحكم بعقوبة تعزيرية: كالحبس على ذنوب غير الحدود، أو أن يكون الحد لم تُستوف شروطه الشرعية، مع وجود ذنوب يستحق صاحبها التعزير تحيط بالواقعة، فهذا الذي نراه في هذا الباب.

فالمتهم بالزنا الذي وُجد مع امرأة أجنبية، ولكن لم يشهد أربعة عدول بأنهم رأوا فرجه في فرجها لا يُحد، بل يُعزر، ويمكن بالحبس، وعندها أيضًا لا يجوز أخذ مال في مقابلة التنازل؛ لأنه ليس حقـًا له بخلاف السرقة.

www.anasalafy.com

موقع أنا السلفي