السبت، ١٩ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٢٧ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

حرمة أهل العلم (خطبة مقترحة)

الترهيب والتحذير من ظاهرة التطاول على العلماء

حرمة أهل العلم (خطبة مقترحة)
سعيد محمود
الأربعاء ٢٧ نوفمبر ٢٠١٣ - ١٢:٥٩ م
3822
24-محرم-1435هـ   27-نوفمبر-2013      

كتبه/ سعيد محمود

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

الغرض من الخطبة:

الترهيب والتحذير من ظاهرة التطاول على العلماء.

المقدمة:

- الإشارة إلى زيادة هذه الظاهرة بعد الثورة نظرًا للاختلافات الكثيرة.

- الإشارة إلى تأثر البعض بفوضوية الغربيين ونعراتهم في انتقاد الناس بزعم حرية الرأي.

- الإشارة إلى سقوط البعض في أوحال السب والشتم، والتجريح في العلماء والدعاة جاهلاً أو متجاهلاً لحرمة العلم والعلماء.

1- فضل العلم:

- العلم أشرف ما يتفاضل به الناس: قال الله -تعالى-: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الأَلْبَابِ)(الزمر:9).

- العلم أفضل ما يُعطى العبد في الدنيا: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ(متفق عليه)، وقال -تعالى-: (وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا(طه:114).

- العلم شرف يتمناه كل الناس: قال بعض السلف: "كفى بالعلم شرفًا أن يدعيه مَن لا يحسنه، وكفى بالجهل ذمًّا أن يتبرأ منه مَن هو فيه".

- العلم طريق الجنة: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا، سَهَّلَ اللهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ(رواه مسلم).

2- فضل العلماء:

- العلماء هم صفوة الناس: قال -تعالى-: (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ(الحجرات:13)، وقال: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ)(فاطر:28).

- العلماء هم أولو الأمر الذين أوجب الله طاعتهم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ(النساء:59).

- لأنهم ورثوا خير ميراث من أفضل مورث: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ العُلَمَاءَ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ، إِنَّ الأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلا دِرْهَمًا، إِنَّمَا وَرَّثُوا العِلْمَ، فَمَنْ أَخَذَ بِهِ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ(رواه أحمد وأبو داود والترمذي، وصححه الألباني).

- لأنهم حراس الدين وحُماته: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (يَحْمِلُ هَذَا الْعِلْمَ مِنْ كُلِّ خَلَفٍ عُدُولُهُ، يَنْفُونَ عَنْهُ تَحْرِيفَ الْغَالِينَ، وَانْتِحَالَ الْمُبْطِلِينَ، وَتَأْوِيلَ الْجَاهِلين(رواه البيهقي، وصححه الألباني).

- لا تصلح الدنيا بغير العلماء: قال ابن القيم -رحمه الله-: "هم في الأرض بمنزلة النجوم في السماء، يهتدي بهم الحيران في الظلماء، وحاجة الناس إليهم أعظم من حاجتهم إلى الطعام والشراب، وطاعتهم أفرض من طاعة الأمهات والآباء" (إعلام الموقعين).

3- حقوق العلماء على المسلمين:

- النص على حقوقهم في الشرع: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لَيْسَ مِنَّا مَنْ لمْ يُجِلَّ كَبِيرَنَا وَيَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيَعْرِفْ لِعَالِمِنَا حَقَّهُ(رواه أحمد والحاكم، وحسنه الألباني).

- معرفة حقهم من علامات صحة المنهج: قال الطحاوي -رحمه الله- في عقيدته: "وأهل الفقه والنظر لا يُذكرون إلا بالجميل، ومن ذكرهم بسوء فهو على غير سبيل". وقال الشارح -رحمه الله-: "فإنهم خلفاء الرسول -صلى الله عليه وسلم- من أمته، والمحيون لما مات من سنته".

(أ) من حقوقهم: إظهار التوقير لهم والهيبة:

- توقير العلماء علامة على الالتزام بالسنة: قال طاوس -رحمه الله-: "إن من السنة أن توقِّر العالِم" (جامع بيان العلم وفضله).

- إظهار الهيبة لهم تعظيم للدين: قال الأعمش -رحمه الله-: "كنا نهاب إبراهيم كما يُهاب الأمير" (تذكرة الحفاظ)، وقال الربيع بن سليمان -رحمه الله-: "والله ما اجترأت أن أشرب الماء والشافعي ينظر إليَّ هيبة له" (مناقب الشافعي للبيهقي).

- توقيرهم بالخدمة وإكرامهم إعلاء للدين: عن الحسن قال: "رئي ابن عباس يأخذ بركاب دابة أُبي بن كعب، فقيل له: أنت ابن عم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تأخذ بركاب رجل من الأنصار؟ فقال: "إنه ينبغي للحبر أن يعظم ويشرَّف" (الجامع للخطيب).

(ب) من حقوقهم: التأدب بين أيديهم وفي غيبتهم:

- وصف الله المسيئين الأدب مع العلماء بقلة العقل: قال -تعالى-: (إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ)(الحجرات:4).

- أدب السلف قبل اللقاء بمشايخهم: "كان بعض السلف إذا ذهب إلى شيخه تصدق بشيء، وقال: "اللهم استر عيب شيخي عني، ولا تذهب بركة علمه مني".

- حفظ العلماء في غيبتهم: قال الحسن: "سمعت أحمد بن حنبل وسأله رجل فقال: بالريّ شاب يُقال له: أبو زُرعة؟ فقال أحمد مغضبًا: تقول شاب؟ كالمنكر عليه، ثم رفع يديه و جعل يدعو الله لأبي زرعة".

(ج) من حقوقهم: التواضع لهم:

- التواضع لهم تعظيم لله -عز وجل-: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ مِنْ إِجْلالِ اللَّهِ إِكْرَامَ ذِي الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ، وَحَامِلِ الْقُرْآنِ غَيْرِ الْغَالِي فِيهِ وَالْجَافِي عَنْهُ، وَإِكْرَامَ ذِي السُّلْطَانِ الْمُقْسِطِ(رواه أحمد وأبو داود، وحسنه الألباني).

- حق العالم على المستفيد منه أعظم من حق السيد على العبد: قال الله -تعالى-: (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ... (الكهف:60)، ولم يكن يوشع -عليه السلام- مملوكًا له.

- التواضع للعلماء يرفعك: قال الشافعي -رحمه الله-:

أهـيـن لهم نفسي فهم يكرمونها                     ولن تكرم النفس التي لا تهينها

- مَن عاملهم بالنِّـدِّية حُرِم خيرهم؛ فكيف بالتعالي عليهم؟ عن مالك بن أنس قال: "وجّه إليَّ هارون الرشيد يسألني أن أحدثه، فقلت: يا أمير المؤمنين، إن العلم يُؤتى ولا يأتي، قال: فصار إلى بيتي، فاستند إلى الجدار، فقلت: يا أمير المؤمنين، إن من إجلال الله إجلال ذي الشيبة المسلم، قال: فجلس بين يدي".

4- خطر الطعن على العلماء:

- الطعن على العلماء سبب في القدح في الشرع الشريف والصد عن سبيل الله: قال الله -تعالى-: (أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ . الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ(هود 18-19).

- الطعن على العلماء طريق مختصر لهدم الدين: قال الله -تعالى-: (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ . لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ(التوبة:65-66).

- الطعن على العلماء يعطـِّل الانتفاع بعلمهم بسبب انزواء بعضهم صيانة لأعراضهم: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لا تَسُبُّوا الدِّيكَ فَإِنَّهُ يُوقِظُ لِلصَّلاةِ(رواه أحمد وأبو داود، وصححه الألباني)، فكيف بمن يَسب مَن يوقظ الأمة؟!

- الطعن على العلماء مرض يقتل القلوب: قال ابن عساكر -رحمه الله-: "لحوم العلماء مسمومة، وعادة الله في هتك أعراض منتقصيهم معلومة"، وقال: "مَن أطلق لسانه في العلماء بالثلب، بلاه الله قبل موته بموت القلب".

5- خاتمة: احفظوا العلماء يحفظكم الله:

- أعراض العلماء أعراض المسلمين جميعًا: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ رَدَّ عَنْ عِرْضِ أَخِيهِ رَدَّ اللَّهُ عَنْ وَجْهِهِ النَّارَ يَوْمَ القِيَامَةِ(رواه أحمد والترمذي، وصححه الألباني).

- رحِم الله السلف الذين حفظوا علماءهم في حياتهم وبعد مماتهم: يقول أبو حنيفة -رحمه الله-: "ما صليت صلاة منذ مات حماد بن أبي سليمان إلا واستغفرت له مع والدي، وإني لأستغفر لمن تعلمتُ منه علمًا"، وقال يحيى البيكندي -رحمه الله-: "لو قدرت أن أزيد في عمر البخاري من عمري لفعلت، فإن موتي يكون موت رجل واحد، وموته ذهاب العلم!".

- وقال الله -تعالى-: (هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلا الإِحْسَانُ(الرحمن:60).

فاللهم اغفر لمشايخنا وعلمائنا، وارحم من مات منهم، واجمعنا بهم مع سيد العلماء والدعاة في جنات النعيم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* للاستزادة راجع كتاب "حرمة أهل العلم" لشيخنا د."محمد إسماعيل المقدم" -حفظه الله-.


www.anasalafy.com
موقع أنا السلفي

تصنيفات المادة