الجمعة، ١٨ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٢٦ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

الأزهر ومدى مشروعية النقاب

نعرض بعضًا من الفتاوى المتعلقة بالنقاب ومشروعيته للمرأة، أقتصر فيها على بعض من أقوال علماء الأزهر قديمًا وحديثًا

الأزهر ومدى مشروعية النقاب
رضا الخطيب
الخميس ١٥ أكتوبر ٢٠١٥ - ٠٩:٣٠ ص
1434

الأزهر ومدى مشروعية النقاب

كتبه/ رضا الخطيب

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

لا شك أن الحرب على النقاب من قِبَل هؤلاء العلمانيين هي حرب على الإسلام وعلى مظهر مِن مظاهر الإسلام، ولست أوجِّه الكلام إلى تلك الفئة التي تحارب حجاب المرأة المسلمة مِن أصله وترمي المسلمات العفيفات بالتخلف والرجعية عن ركب الحضارة وبقلة الفهم والوعي، وإنما الكلام مع بعض ممن ينتسب إلى هذه المؤسسة العريقة، المؤسسة الأزهرية؛ حيث خرج عن إجماع أئمة المسلمين سلفًا وخلفًا ليقول بأن النقاب بدعة أو عادة وليست من الإسلام في شيء - وقوله حري بوصف البدعة.

وإليك أيها العاقل اللبيب والقارئ الحبيب، نعرض لك فيها بعضًا من الفتاوى المتعلقة بالنقاب ومشروعيته للمرأة، أقتصر فيها على بعض من أقوال علماء الأزهر قديمًا وحديثًا.

يقول فضيلة الشيخ محمد أبو زهرة عند تفسيره لقول الله تعالى: ﴿وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ﴾: (الجيوب): فتحات الصدر التي تبدو منه أجزاء من الجسم، وهذه من العورة والخمر جمع خمار، (وَلْيَضْرِبْنَ) أي: ليضعن الخمر على هذه الجيوب التي ترى منها الصدر، فيستتر ذلك الجزء من عورة المرأة؛ لأن عورة المرأة الحرة كل جسمها، ومِن النساء في هذه الأيام مَن يبدين بعض أجسامهن على أنه من الزينة التي تغري الرجال ...إلخ.

ويقول فضيلة الشيخ الدكتور عبد الحليم محمود شيخ الأزهر عن المرأة: «إذا لم تأمن الفتنة وجب عليها ستر الوجه والكفين؛ سدًّا للذرائع إلى المفاسد».

ويقول فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي وقد غضب وسخط على مَن يهاجمون النقاب والحجاب: «وعجيب أيضًا وغريب أمر هؤلاء وهم في رفضهم للحجاب والنقاب يرفعون شعار الحرية الشخصية، ونحن نسألهم: أهناك حرية بلا ضوابط تمنع الجنوح بها إلى غير الطريق الصحيح؟ وأي حرية تلك التي يعارضون بها تشريعات السماء؟ وهذه الحرية التي تضيق الخناق على المحجبات وتترك الحبل على الغارب للسافرات فيحرضن على الجريمة بعد الافتتان؟ وحسبنا من سوابق الخطف للفتيات واغتصاب المائلات المميلات، حسبنا من ذلك دليل على حكمة الله البالغة فيما شرع من ستر - أن هؤلاء يحاولون التدخل في صميم عمل الله، ويريدون أن تشرع الأرض للسماء وخسئوا وخاب سعيهم».

ويقول فضيلة الشيخ الدكتور محمد المسير -مِن كبار علماء الأزهر-: «إن النقاب -وهو ما يغطي الوجه- لا نأمر به ولا ننهى عنه، فإذا أرادت امرأة أن تنتقب فلا حرج عليها، وإذا لم تنتقب فلا حرج عليها شرعا».

ويقول فضيلة الشيخ الدكتور شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي في تفسيره لقول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ والجلابيب: جمع جلباب، وهو ثوب يستر جميع البدن تلبسه المرأة فوق ثيابها، والمعنى: «يا أيها النبي قل لأزواجك اللائي في عصمتك، وقل لبناتك اللائي مِن نسلك، وقل لنساء المؤمنين كافة: إذا ما خرجن لقضاء حاجتهن فعليهن أن يسدلن الجلابيب عليهن حتى يسترن أجسامهن سترًا تامًّا من رءوسهن إلى أقدامهن زيادة في التستر والاحتشام وبُعدًا عن مكان التهمة والريبة»، ثم ذكر أثر أم سلمة: «لما نزلت هذه الآية خرج نساء الانصار كأن على رءوسهن الغربان من السكينة وعليهن أكسية يلبسنها».

ويقول فضيلة الشيخ عطية صقر وقد سئل: «يقول البعض: إن الحديث الذي روته عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم الذي يحل ظهور كفي المرأة ووجهها فقط حديث ضعيف»، يقول: ذكره القرطبي في تفسيره وقال: إنه منقطع، وقال ابن قدامة في «المغني» إن صح هذا الحديث فيكون قبل نزول الحجاب -وبناء على هذا لا يوجد دليل يستثني وجه المرأة وكفيها من وجوب سترهما، ويؤكد ذلك الشوكاني بأن المسلمين من قديم الزمان على ذلك، ويميل إلى هذا في زمن يكثر فيه الفساق.

وقال فضيلته في موضع آخر: وعند البخاري وأحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تنتقب المرأة المحرمة، لا تلبس القفازين»، ومعنى ذلك أن إحرامها في وجهها وكفيها، قال العلماء: «إن سترت وجهها بشيء فلا بأس، على ألا يكون نقابًا مفصلًا كالمعتاد، وبخاصة عند الرجال الأجانب، فقد روى أبو داود وابن ماجة أن عائشة قالت: كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرمات، فإذا حاذوا بنا سدلت إحدانا جلبابها -أي: الملحفة- على وجهها، فإذا جازوا بنا كشفناه، وممن قال بجواز سدل الثوب مالك والشافعي وأحمد». انتهى كلامهم رحمهم الله.

وبعد فقد وجدناهم قائلين بمشروعية النقاب وستر المرأة لوجهها، والخلاف بينهم جاريًا في القول بوجوبه وفرضيته أو استحبابه وسنيته، وقد يتفق الأكثر على وجوبه عند خشية الفتنة.

عباد الله؛ إن إرضاء الله ورسوله أحق من إرضاء أي أحد مهما كان .. وليتنا نسمع مِن هؤلاء الذين ينكرون أن يكون للنقاب أصل شرعي .. ليتنا نسمع منهم كلمة تنكر ما أنكره الله ورسوله وأجمعت عليه الأمة من التبرج الصارخ والعري الفاضح والاختلاط الماجن، فهذا واجب على كل مسلم فضلًا عن العلماء والأمراء.كما قال تعالى: ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة