حاجتنا
إلى معرفة قصص الأنبياء (موعظة الأسبوع)
كتبه/ سعيد محمود
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول
الله، أما بعد؛
الغرض مِن الموعظة:
التمهيد لسلسلة مواعظ حول قصص الأنبياء
-عليهم السلام-.
مقدمة حول أهمية معرفة قصص
الأنبياء:
- الإيمان بالأنبياء والرسل
جملة أصل مِن أصول الإيمان لا يثبت الإيمان بغيره، والإيمان بالأنبياء تفصيلاً مِن
كمال الإيمان:
فالمسلم الذي يعرف جميع الأنبياء أكمل إيمانًا ممن لا يعرف إلا بعضهم، والمسلم الذي
يعرف قصص جميع الأنبياء أكمل إيمانًا ممن لا يعرف إلا قصص بعضهم، قال النبي -صلى
الله عليه وسلم- عن الإيمان: (أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ، وَمَلائِكَتِهِ،
وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالْيَوْمِ الآخِرِ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ)
(رواه
مسلم).
- حاجة البشرية إلى منهج
الرسل، فبغير الرسل والرسالات تعيش البشرية الظلم والفساد والانحلال وإن تظاهرت
بخلافه: قال
الله -تعالى-: (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ
وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ)
(الحديد:25).
- البشرية اليوم أشد حاجة إلى
منهج الرسل بعد أن وضعت العلمانية لها الإلحاد دينًا: قال الله -تعالى-: (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ
عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) (التوبة:33)، وقال -تعالى-: (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ
وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (آل عمران:85).
(1)- وظائف الرسل تدل على
عظيم حاجة البشرية إلى معرفة قصصهم وإقامة منهجهم:
1- بلاغ نصوص الوحي "أوامر
الله" مِن غير زيادة ولا نقصان، مع بيان ذلك قولاً وفعلاً: قال الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ
وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ) (المائدة:67)، وقال -تعالى-: (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ
إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) (النحل:44).
2- الدعوة إلى الله مِن غير
توقف أو اكتفاء بالبلاغ: (قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهَارًا...
) (نوح:5).
3- التبشير والإنذار "الترغيب
والترهيب": (وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلا مُبَشِّرِينَ
وَمُنْذِرِينَ) (الأنعام:48).
4- تقويم الفكر المنحرف
والعقائد الزائفة "عبادة غير الله - اللواط - التطفيف في الميزان - الإفساد في
الأرض - ... ": قال الله -تعالى-: (كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً
فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ... ) (البقرة:2013).
5- إقامة الحجة على الناس: (رُسُلاً مُبَشِّرِينَ
وَمُنْذِرِينَ لِئَلا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ)
(النساء:165)، (أَلَمْ يَأْتِكُمْ
نَذِيرٌ . قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا... ) (الملك:8-9).
6- سياسة الناس بكتاب الله: (فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ
بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ) (المائدة:48)، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ تَسُوسُهُمُ الأَنْبِيَاءُ كُلَّمَا
هَلَكَ نَبِيُّ خَلَفَهُ نبيٌّ) (متفق عليه).
(2) قصص الأنبياء أحسن القصص:
- عبرة وعظة: قال الله -تعالى-: (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُولِي الأَلْبَابِ)
(يوسف:111)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (شَيَّبَتْنِي هُودٌ وَأَخَوَاتُهَا) (رواه الطبراني، وصححه الألباني).
- صدق وحق: قال الله -تعالى-: (إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ) (آل عمران:62)، وقال -تعالى-: (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ
هَذَا الْقُرْآنَ) (يوسف:3).
- قصص غيرهم يفتقد ذلك:
- قصص أهل الكتاب: فهو إما أكاذيب وإما تفاصيل واختلافات
لا فائدة فيها، وإما مشكوك في صدقه.
- قصص عموم الناس: فهو إما أكاذيب وأساطير، أو فحش وغرام،
أو عنف ودمار.
(3)- أهداف القصص القرآني والنبوي
عن الأنبياء:
- ليس المقصود منه المطالعة المجردة
كقراءة المجلات والجرائد، أو التعجب ومصمصة الشفاه دون عمل، وإنما إقامة الأهداف التي
مِن أجلها ذكر.
أولاً: بيان وحدة العقيدة وإن
اختلفت الشريعة:
- ليس هناك نبي واحد دعا إلى
عبادة نفسه أو أمه أو تعظيم قبر أو ولي: قال الله -تعالى-: (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ
وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ) (النحل:36)، وقال -تعالى-: (لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا) (المائدة:48)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (الأَنْبِيَاءُ إِخْوَةٌ مِنْ عَلاتٍ، وَأُمَّهَاتُهُمْ شَتَّى، وَدِينُهُمْ
وَاحِدٌ) (متفق عليه).
- أمثلة مِن اختلاف الشريعة: "الصلاة في سائر البقاع الطاهرة -
تحليل الغنائم - الجمع بين الأختين - تزوج الأشقاء".
ثانيًا: تثبيت قلوب
المؤمنين المبتلين، والتخفيف عنهم بالاقتداء بالسابقين وتبشيرهم بالنصر:
- أما
التثبيت:
قال الله -تعالى-: (وَكُلاً نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ
الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ
وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ) (هود:120).
- وأما التخفيف: قال -تعالى-: (كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلا
قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ) (الذاريات:52).
- وأما التبشير: قال -تعالى-: (وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا
وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا) (الأنعام:34)، وقال -تعالى-: (حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا
جَاءَهُمْ نَصْرُنَا... ) (يوسف:110).
ثالثًا: التذكير بأحداث
الأمم الغابرة، وبيان عاقبتهم:
قال الله -تعالى-: (وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرَى وَصَرَّفْنَا
الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (الأحقاف:27)، وقال -تعالى-: (قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ
الْمُكَذِّبِينَ) (الأنعام:11)، وقال -تعالى-: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ
بِعَادٍ) (الفجر:6)، (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ
الْفِيلِ) (الفيل:1)، و قال -تعالى-: (فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ
أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ
رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ . تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا
لا يُرَى إِلا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ) (الأحقاف:24-25)، وقال -تعالى-: (وَفِرْعَوْنَ ذِي الأَوْتَادِ . الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ
. فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ . فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ . إِنَّ
رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ) (الفجر:10-14).
رابعًا: بيان حسن عاقبة
المؤمنين الصادقين:
- قال الله -تعالى- في
تبشيرهم:
(اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ
يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) (الأعراف:128)، وقال -تعالى-: (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ
وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ . وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَرْضِ
وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ)
(القصص:5-6).
- وقال -تعالى-: عن عاقبتهم
في الآخرة:
(إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ
هُمُ الْفَائِزُونَ) (المؤمنون:111).
خامسًا: بيان صدق النبي -صلى
الله عليه وسلم-:
- إخباره -صلى الله عليه
وسلم- عن الأمم السابقة: قال الله -تعالى-: (تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ
نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا
فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ) (هود:49).
أمثلة: "كلام النبي -صلى الله عليه وسلم-
عن قصة إبراهيم - قصة موسى والحَجَر - قصة عداس وذكر يونس - ذكر سليمان وتسخير
الجن له- ونحوه... ".
(4) خاتمة: عود على بدء:
- حاجة البشرية إلى منهج
الرسل فبغيره تعيش البشرية الظلم والفساد والانحلال وان تظاهرت بخلافه: قال الله -تعالى-: (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ
الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ) (الحديد:25).
- البشرية اليوم أشد حاجة إلى
منهج الرسل بعد أن وضعت العلمانية لها الإلحاد دينًا: قال -تعالى-: (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ
عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) (التوبة:33)، وقال -تعالى-: (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ
وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (آل عمران:85).
- القرآن ذكر لنا أعظم
الأنبياء "رمزًا للأنبياء جميعًا" لتستفيد البشرية مِن ذلك: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا
رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ
عَلَيْكَ) (غافر:78).
- حاجة البشرية إلى معرفة
حياتهم ودعوتهم لتقتدي بهم: قال الله -تعالى-: (أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ
اقْتَدِهْ) (الأنعام:90).
- التنبيه على تسلسل الحديث عنهم مِن الأسبوع
القادم -إن شاء الله تعالى-.
موقع أنا السلفي
www.anasalafy.com