الجمعة، ١٨ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٢٦ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

يا أهل مصر.. هلم ننقذ أنفسنا

أفيقوا وتوحدوا قبل فوات الأوان، فلم تك تلك أخلاقكم على مر العصور

يا أهل مصر.. هلم ننقذ أنفسنا
أم عائشة داليا حسن
الخميس ١٩ نوفمبر ٢٠١٥ - ١١:٣٩ ص
1225

يا أهل مصر..  هلم ننقذ أنفسنا

كتبته/ أم عائشة داليا حسن

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

حديثي من القلب، وآمل أن يصل إلى قلوبكم، فما تمر به البلاد هذه الأيام من محن وفتن يدعو إلى التأمل ثم التأمل ثم التأمل لإيجاد حل ناجع لما نمر به من ابتلاءات جماعية قد تكون -بل هي- بذنوب جماعية قد تصل بنا إلى عقوبات جماعية من عند الله عز وجل، ويبعث كل على نيته، فقد روي عن عائشة رضي الله عنها، أنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يغزو جيش الكعبة، فإذا كانوا ببيداء من الأرض يخسف بأولهم وآخرهم. قالت: قلت: يا رسول الله؛ كيف يُخسف بأولهم وآخرهم وفيهم أسواقهم ومَن ليس منهم؟ قال: يُخسف بأولهم وآخرهم، ثم يُبعثون على نياتهم". (متفق عليه). وروي عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا أنزل الله بقوم عذابًا أصاب العذاب مَن كان فيهم ثم يُبعثون على أعمالهم"، وحديث زينب بنت جحش عندما سألت النبي صلى الله عليه وسلم: "أنهلك وفينا الصالحون؟"، قال: "نعم؛ إذا كثر الخبث". (رواه البخاري).

وقد جرت سنة الله عز وجل أن يقع البلاء بما كسبت أيدي الناس، قال تعالى: (ظَهَرَ الفَسَادُ فِي البَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (الروم: 41). وقال: (أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (آل عمران: 165). واللهِ لو كنا نصرنا الله لنصرنا، كما قال عز وجل: (إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ). ولكن غفلنا عن السبب الرئيسي لوجودنا في الحياة، ألا وهو عبادة الله عز وجل، وتكالبنا على الدنيا، غير مراعين لسنن الله الكونية التي بينها لنا وأوصانا وأمرنا بالالتزام بنصوصها وتوجيهاته، فما كان منا إلا أن حُدنا عن الطريق، فابتلانا بتقصيرنا وذنوبنا؛ فرقت البلاد واشتد الغلاء وتوقفت مصادر الدخل القومي وقتل المظلومين -لا يعلمون فيما قتلوا-، وانتشر الانحلال الأخلاقي وكثرت البلايا والرزايا والأسقام، وخوَّن وكفَّر بعضنا بعضًا، فلا تلوموا محافظًا ولا رئيسًا ولا غيرهما، إنما لوموا أنفسكم وتقصيركم في حق الله. نعم؛ إننا أوتينا من قبل أنفسنا -لا من عدو خارجي كما يحدث في بعض البلاد- إنما عدونا أوصلنا إلى الاقتتال الداخلي، وعبث بعقول كل الفئات حتى أصبحت كل فئة ترى أنها هي الحق وأن الجميع على الباطل، فانتصرت كل واحدة لآرائها على حساب الرأي الآخر، مما أدى إلى ما نمر به الآن من التخوين والتكفير والتفرق والتشرذم الذي هو داء الأمم، فإذا بحثت كل فرقة عن مصالحها الشخصية متناسية مصالح الآخرين؛ فإننا بذلك نغرق السفينة، ونأثم جميعًا؛ لأنها مسئوليتنا المشتركة .

ومن هنا أدعو شعب مصر أجمع، أن يدركوا الخطر القادم الذي سوف يقضي على الأخضر واليابس، ولن ينجو منه أحد، فهناك من يدفع البلاد والعباد إلى الفرقة والانقسام والتوتر الداخلي، الذي يجرنا في نهاية الأمر إلى الحرب الأهلية والاقتتال والانفصال بما يعود على الجميع بالخسارة؛ فالناس إن لم يجمعهم الحق شعبهم الباطل، فما زال السفهاء يعبثون بثوابت الأمة ويستهينون بأوامر الله ويعيثون في الأرض فسادًا، وما زال أعداؤكم يحيكون لكم المخططات والمؤامرات، فإنهم لا ينامون ينسجون لكم خيوط الفتن ليل نهار.

فأفيقوا وتوحدوا قبل فوات الأوان، فلم تك تلك أخلاقكم على مر العصور، وما كان دأبكم إلا الوحدة والتكاتف، وامتثلوا لأمر ربكم، قال تعالى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ) (آل عمران: 165)، واعلموا أن الله لا يفرج الشدائد والمحن إلا بالرجوع إليه وامثال أمره؛ فتوبوا من ذنوبكم، وعودوا إلى ربكم، عسى أن يتوب علينا ويفرج همومنا وغمومنا، وادعوا ربكم لعل أن يكون من بيننا رجل صادق يستجيب الله عز وجل له فيرفع به البلاء، واعلموا أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم .. ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكون من الخاسرين .. والسلام.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة