الجمعة، ١٨ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٢٦ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

حامل الرسالة لا ينام

قم فلا وقت للنوم والسكون والدعة فلا ينبغي لصاحب رسالة أن ينام

حامل الرسالة لا ينام
خالد آل رحيم
الخميس ٢٥ فبراير ٢٠١٦ - ١١:٢٩ ص
1280

حامل الرسالة لا ينام

كتبه/ خالد آل رحيم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

لا يتصور من حامل الرسالة أن يجلس فى بيته واضعا يده على خده، لأن من أدرك رسالته وطبيعتها وتصور حال الأمة من فوضى وإنهيار اخلاقي وانقطاع للأواصر على جميع المستويات، لا ينبغي له أن ينام وهو المؤتمن عليها، وهل ينام وقد حمل ما لم تحمله الجبال؟

إن حامل الرسالة لا بد أن يوفي بحقها عملا بالحديث الشريف "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته". وليعلم أن الله تعالى لما أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بالدعوة قال له: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنذِرْ}.

قم فلا وقت للنوم

قم فلا وقت للدثار

قم فلا وقت لتضييع الأوقات

قم فالحمل ثقيل

قم فالمسئولية جسيمة

قم فالناس في ظلمات يحتاجون لمن ينير لهم الطريق

قم فالأمانة عظيمة

قم وأمر كل من يتبعك بالقيام

{فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}

ومن أروع الأمثلة لحامل رسالة من أتباع الرسل يؤديها على وجهها مؤمن آل فرعون، الذي قال

 {أَتَقْتُلُونَ رَجُلا أَنْ يَقُولَ رَبِّي اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَاذِبا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ}

ورجل آخر لا يعرف اسمه ولا رسمه جاء من أعالي المدينة لينقذ دعوة بأكملها قائلا:

{يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنْ النَّاصِحِينَ}

فهو يعلم أنه ليس لديه رفاهية الوقت والسكون والدعة، فالأمر أكبر من ذلك فالدعوة مهددة بالقضاء عليها حال قتل موسى عليه السلام، فقالها كلمات موجزة: (يأتمرون بك - ليقتلوك - فاخرج منها)

وكانت النتيجة نجاة موسى عليه السلام، بل قل: نجاة الدعوة بأكملها.

بل وأعظم من ذلك النملة مع سليمان عليه السلام، التي شعرت بمسئوليتها تجاه بني جنسها، فأعطت درسا عظيما لكل حامل رسالة .

(حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِي النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ)

فالنملة كانت هي المسئولة عن بني جنسها، وهي التي تشرف عليهم في الوادي، فخشيت عليهم من أقدام سليمان عليه السلام وجنوده، وهي تعرف أهمية المسئولية التي تقع على عاتقها، ومن شدة خوفها نادت بنداء البعيد {يَا أَيُّهَا}، حتى يسمع الجميع ولا يصاب أحد بسوء، ثم أخبرتهم بشدة الأمر {لَا يَحْطِمَنَّكُمْ}، ولم تقل يطأنّكم، لأن التحطيم أشد وقعا من الوطء، ثم كان الخطاب للعقلاء، لأنهم وحدهم من يعرف المصلحة من المفسدة .

يقول الدكتور عبد الكريم زيدان :

"فعلى الدعاة أن يشعروا بما شعرت به (نملة) نحو بني جنسها، من ضرورة الاهتمام بهم، وأمرهم بما يدفع الشر عنهم، فيقوم هؤلاء الدعاة بتحذير الجماعة وعموم المسلمين من أي خطر يتهددهم، وأن لا يهتموا فقط بنجاة أنفسهم من هذا الضرر أو الخطر لأن اهتمام المسلم بنفسه فقط من مظاهر الأنانية المقيتة.

فعار عليكم أيها الرجال، وأيتها النساء، أن تكون نملة صغيرة لديها من الإيجابية ومن فقه الواقع ما تفتقدونه أنتم؟

وختاما: إن من أكبر أخطاء غالب التيار الإسلامي انشغاله بالوسيلة عن الهدف، حتى ضاع الهدف للمحافظة على الوسيلة. قال ابن عطاء السكندري: "ما ترك من الجهل شيئا من أراد أن يظهر في الوقت غير ما أظهر الله،

فمن أراد أن يحقق شيئا ويظهره من غير أن يرى أن الله تعالى قد هيأ أسبابه فإنما يعبر بذلك عن جهله بالقوانين" اهــ

فهل من مشمر لإبلاغ النداء لكل صاحب رسالة

(قم فلا وقت للنوم والسكون والدعة فلا ينبغي لصاحب رسالة أن ينام).

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة