الأحد، ١٢ ذو القعدة ١٤٤٥ هـ ، ١٩ مايو ٢٠٢٤
بحث متقدم

حادث العبارة ثم القطار... وروح اللامبالاة!

حادث العبارة ثم القطار... وروح اللامبالاة!
الخميس ٢٢ مايو ٢٠٠٨ - ١٧:٠٠ م
22

 

حادث العبارة ثم القطار... وروح اللامبالاة!

كتبه/ ياسر برهامي

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فدائمًا بعد الكوارث المؤلمة تبدأ سيول الاتهامات وسدود المدافعات، والاستغلال السياسي للحدث بيْن المعارضة والحكومة، بين الأهالي والمسئولين لتلقى المسئولية في رقبة البعض، ويفر البعض الآخر مِن العقوبة، ويفوز بالبقاء في منصبه -كما يظن-.

ويبقى بعد ذلك أمر آخر هو أعظم مِن كل ذلك، فإن هذه الكوارث ستمر كما مرَّ غيرها، وكل شيء في الدنيا سوف يمضي، فالدنيا كذلك بحلوها ومرها، بلذتها وألمها لا بد لها مِن انقضاء، لكن الأمر الأعظم هو التبعات التي يَلقى الإنسان بها ربه مِن حقوق العباد -خصوصًا ضعفاء المسلمين- الذين عظم الله -عز وجل- حقوقهم، وجعل النبي -صلى الله عليه وسلم- حرمتهم في دمائهم وأعراضهم وأموالهم كحرمة البلد الحرام في الشهر الحرام، في أعظم الأيام حرمة عند الله -عز وجل-، والذين يغضب الله لغضبهم وينتصر لهم ممن آذاهم، فهب أن بعض المقصرين نجا مِن المسئولية في الدنيا؛ فأين التبعات يوم القيامة؟!

والقضية أعمق مِن حدث يحدث وكارثة تصيب المئات أو الآلاف، فإن روحًا سيئة باتت تنتشر في المجتمع ككل انتشار النار في الهشيم.

بعيدًا عن تحديد مَن المسئول، وكيفية عقابه، وهل كان هناك عذر في قلة الإمكانيات أم لا؟ نقول: إن روح اللامبالاة والإهمال في حقوق المسلمين أصبحت سمة بارزة في حياة الكبير والصغير، فالمهم الفرار مِن المسئولية الدنيوية، والعقوبة الدنيوية؛ أما ما سوف يكون مِن حساب بيْن يدي الله يوم القيامة، فهذا نادرًا ما يفكر فيه أكثر الناس!

نجد هذه الروح لدى الموظف الذي يتغيب عن عمله، أو يتأخر، والطوابير تنتظر، لا تجد مَن يقضي حاجاتها التي هي حقوق لها.

وتجدها لدى الذي ضيع الأمانة، وخانها حين عرقل الإجراءات التي يستحقها الناس حتى يحصل على الرشوة المطلوبة، تجدها لدى الذي سار في الطريق العكسي، أو وقف في منتصف الطريق حتى تعطل المرور، أو تعرضت حياة الناس للخطر، أو تعرضت أموالهم، وأوقاتهم للضياع، وهو لا يفكر لحظة أن عليه حقوقًًا للمسلمين سوف يُسأل عنها.

تجدها لدى كل مَن يظلم الضعفاء والمساكين والأرامل، ومَن لا يجد له سندًا مِن الناس، فيظلمهم في أبدانهم، وأموالهم، وحقوقهم.

تجدها في قطاعات عريضة من الناس، مِن عليا، ودنيا، ووسطى.

هذه الروح هي المتهم الأول قبْل أن يكون فلان أو فلان الذي سينال أشد العقاب، أو يفلت منه في هذه الكوارث.

نريد أن نحارب هذه الروح، ونعظم حرمات المسلمين الذين يكره الله مساءتهم، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما يرويه عن ربه -عز وجل-: (وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ المُؤْمِنِ، يَكْرَهُ المَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ) (رواه البخاري)، اللهم إنا يسوؤنا أذية المسلمين، وضياع حقوقهم، والظلم الواقع عليهم في المشارق والمغارب.

فنسألك اللهم: العافية، والرحمة، والنجاة مِن الفتن للمسلمين في كل مكان.

ونسألك اللهم: أن تحفظ دماءهم، وأعراضهم، وأموالهم، وأبشارهم، وحقوقهم، وأن تنصرهم على عدوك وعدوهم، وأن تجعل بلادهم آمنة رخاء، وأن تغفر لموتانا وترحمهم، وأن تشفي مرضانا وجرحانا وتعافيهم، وأن تفك أسرانا وتردهم إلى أهليهم سالمين غانمين.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، والحمد لله على كل حال.


تصنيفات المادة