السبت، ١٩ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٢٧ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

الطريق إلى المسجد الأقصى (1) (موعظة الأسبوع) طريق موسى ويوشع -عليهما السلام-

الطريق إلى المسجد الأقصى (1) (موعظة الأسبوع) طريق موسى ويوشع -عليهما السلام-
الأربعاء ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٣ - ١٥:٢٥ م
221

الطريق إلى المسجد الأقصى (1) (موعظة الأسبوع) طريق موسى ويوشع -عليهما السلام-

كتبه/ سعيد محمود

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛  

الغرض مِن الموضوع:

إحياء قضية المسجد الأقصى في نفوس المسلمين، وبيان معالِم طريق تحريره مِن الأيدي الغاصبة، مِن خلال التعرض لصفحاتٍ مِن تاريخ الاعتداءات على بيت المقدس على مرِّ التاريخ، وكيف كان الطريق لتحريره في كل مرة.

المقدمة:

- الإشارة إلى أن أرض فلسطين "وعلى الخصوص المسجد الأقصى" قد تعرضتْ للاعتداءات الكثيرة على مرِّ التاريخ، وفى كل مرة يقيض الله -عز وجل- لذلك مَن يقوم على تحريرها مِن الأيدي الكافرة الغاصبة.

- التمهيد للحديث عن الاعتداء الأول في زمان نبي الله موسى -عليه السلام-، وكيف تحررت الأرض المقدسة على أيدي الجيل الصالح بقيادة نبي الله يوشع بن نون -عليه السلام-.

(1) عرض مجمل للأحداث:

- كانت بنو إسرائيل يشكون لنبيهم ظلم الفرعون وبطشه بالمؤمنين، وكان يصبِّرهم بالاستعانة بالله وانتظار الفرج: قال -تعالى-: (قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ . قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ(الأعراف:128-129).

- هلاك الكافرين واستخلاف المؤمنين: قال -تعالى-: (وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ . وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ(القصص:5-6)، وقال -تعالى-: (فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ)  (القصص:40).

- وللاستخلاف والتمكين تبعات: قال -تعالى-: (الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ(الحج:41).

- وعلى ذلك قام موسى -عليه السلام- يدعوهم إلى تحرير الأرض المقدسة من الأيدي الكافرة الغاصبة: قال -تعالى-: (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنبِيَاءَ وَجَعَلَكُم مُّلُوكًا وَآتَاكُم مَّا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِّنَ الْعَالَمِينَ . يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ(المائدة:20-21).

- لكن القوم الذين عاشوا حياة الذل والخنوع، وعدم تحمل المسئولية، تخاذلوا وأنكروا على نبيهم وجحدوا نعمة ربهم!: قال -تعالى-: (قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِن يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ . قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ . قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَدًا مَّا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ(المائدة:22-24).

- النبي القائد متفجعًا متضرعًا معتذرًا إلى ربِّه، متبرئًا مِن الأتباع الجبناء الذين تعلقتْ قلوبهم بالدنيا: (قَالَ رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ(المائدة:25).

- فكانت العقوبة... "التيه" حيث لا يعرفون لهم وجهة، ولا نظام يسيرون عليه، وتخبطوا حتى أهلكهم الله: قال الله -تعالى-: (قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ(المائدة:26).

- يوشع بن نون تلميذ موسى -عليه السلام- وفتاه يربي جيلًا في زمن التيه ليخرج بهم لتحرير بيت المقدس: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (غَزَا نَبِيٌّ مِنَ الأَنْبِيَاءِ، فَقَالَ لِقَوْمِهِ: لاَ يَتْبَعْنِي رَجُلٌ مَلَكَ بُضْعَ امْرَأَةٍ، وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَبْنِيَ بِهَا، وَلَمَّا يَبْنِ بِهَا، وَلاَ أَحَدٌ بَنَى بُيُوتًا وَلَمْ يَرْفَعْ سُقُوفَهَا، وَلاَ أَحَدٌ اشْتَرَى غَنَمًا أَوْ خَلِفَاتٍ وَهُوَ يَنْتَظِرُ وِلاَدَهَا...(متفق عليه).

- التحرير والنصر وآية الشمس عند فتح بيت المقدس: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (... فَغَزَا فَدَنَا مِنَ القَرْيَةِ صَلاَةَ العَصْرِ أَوْ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَ لِلشَّمْسِ: إِنَّكِ مَأْمُورَةٌ وَأَنَا مَأْمُورٌ اللَّهُمَّ احْبِسْهَا عَلَيْنَا، فَحُبِسَتْ حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ).

(2) دروس مستفادة:

الأول: فلسطين الأرض المباركة والمسجد الأقصى... وقف إسلامي على مرِّ التاريخ:

- هي الأرض التي بارك الله فيها للعالمين: قال الله -تعالى-: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) (الإسراء:1).

- الأقصى هو أحد المساجد الثلاثة العظيمة على مرِّ الزمان: عن أبي ذر -رضي الله عنه- قال: قلت: يا رسول الله، أَيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ فِي الْأَرْضِ أَوَّلَ؟ قَالَ: (الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ). قَالَ: قُلْتُ ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: (الْمَسْجِدُ الْأَقْصَى). قُلْتُ: كَمْ كَانَ بَيْنَهُمَا؟ قَالَ: (أَرْبَعُونَ سَنَةً، ثُمَّ أَيْنَمَا أَدْرَكَتْكَ الصَّلَاةُ بَعْدُ فَصَلِّهْ، فَإِنَّ الْفَضْلَ فِيهِ(رواه البخاري)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (لا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلا إِلَى ثَلاثَةِ مَسَاجِدَ: الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَمَسْجِدِي هَذَا، وَالْمَسْجِدِ الأَقْصَى(متفق عليه).

- المسلمون على مرِّ التاريخ هم أهل الأرض المقدسة، وأما الكفار فلا... ولو زعموا أن أجدادهم كانوا يسكنونه، فقد شابهوا مشركي العرب مِن قريش لما زعموا أنهم أهل الحرم: قال الله -تعالى-: (وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ(الأنفال:34).

الدرس الثاني: الجزاء مِن جنس العمل:

- الشاهد مِن الأحداث: (تخاذل بني إسرائيل عن نصرة قضية الأقصى والأرض المباركة، كان عاقبته الحرمان مِن الدنيا التي آثروها على الآخرة، فكتب الله عليهم التيه أربعين سنة يعيشون حياة الشتات والحيرة، والهم والغم، والفقر والضنك حتى هلكوا!).

- وهكذا سُنة الله ماضية في كل مَن يخذل المسلمين، ويتخلف عن نصرة الدين: (العقوبة بالحرمان من الدنيا التي من أجلها خذلوا المؤمنين): قال الله -تعالى- في الذين تخلفوا يوم الحديبية عن نصرة الدين، وأساءوا الظن بالمؤمنين : (بَلْ ظَنَنتُمْ أَن لَّن يَنقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنتُمْ قَوْمًا بُورًا(الفتح:11-12).

- فكانت العقوبة بأن حُرِموا مِن غنائم خيبر وآثار فتحها: قال الله - تعالى-: (سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا بَلْ كَانُوا لَا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلًا(الفتح:15).

الثالث (أهم الدروس): أهمية التربية والتصفية في جيل النصر والتمكين:

- جيل النصر والتمكين مشغول بالآخرة (مقارنة بيْن مَن خرجوا مع موسى -عليه السلام- ومَن خرجوا مع يوشع -عليه السلام- وأثر التصفية): قال يوشع -عليه السلام-: (لاَ يَتْبَعْنِي رَجُلٌ مَلَكَ بُضْعَ امْرَأَةٍ، وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَبْنِيَ بِهَا، وَلَمَّا يَبْنِ بِهَا، وَلاَ أَحَدٌ بَنَى بُيُوتًا وَلَمْ يَرْفَعْ سُقُوفَهَا، وَلاَ أَحَدٌ اشْتَرَى غَنَمًا أَوْ خَلِفَاتٍ وَهُوَ يَنْتَظِرُ وِلاَدَهَا).

- جيل النصر والتمكين يتربى على البذل والتضحية في سبيل الدين: عن أنس -رضي الله عنه- قال: لَمَّا سَارَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى بَدْرٍ خَرَجَ فَاسْتَشَارَ النَّاسَ، فَأَشَارَ عَلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ اسْتَشَارَهُمْ، فَأَشَارَ عَلَيْهِ عُمَرُ، فَسَكَتَ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ: إِنَّمَا يُرِيدُكُمْ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَاللهِ لَا نَكُونُ كَمَا قَالَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ لِمُوسَى: (اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ)، وَلَكِنْ وَاللهِ لَوْ ضَرَبْتَ أَكْبَادَهَا حَتَّى تَبْلُغَ بَرْكَ الْغِمَادِ لَكُنَّا مَعَكَ. (رواه أحمد، وصححه الألباني).

خاتمة:  

- هذا هو الجيل الذي يعرف الطريق إلى الأقصى، هذا هو الجيل الذي يعود على يديه بيت المقدس للمسلمين؛ جيل يعتز بإسلامه، جيل يعظم أمر الله، جيل الصيام والقيام والقرآن، جيل قدوته رسول الله والصحابة، جيل يرجو الجنة ويخاف النار، جيل يحمل العقيدة الصحيحة في كلِّ جوانبها.

فاللهم مكِّن لدينك في الأرض، وطهِّر المسجد الأقصى مِن دنس اليهود.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة