السبت، ٢٦ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٠٤ مايو ٢٠٢٤
بحث متقدم

البغاء الفكري

البغاء الفكري
الاثنين ٢٠ نوفمبر ٢٠٠٦ - ١٤:٢٩ م
14

البغاء الفكري

كتبه/ عبد المنعم الشحات

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،

تلطف المؤتمر

عقدت الأمم المتحدة مؤتمرا لمناقشة مرض الإيدز ودعت إليه الصحفيين، ومن أسمتهم برجال الدين الإسلامي والمسيحي –على حد تعبيرهم-، وكان من ضمن الأوراق التي قدمت للمؤتمر ورقة تدعوا إلى التلطف في العبارات عند التعبير عن الإيدز، وما يرتبط به من انحرافات جنسية، فاقترحت الورقة استخدام مصطلح "المثلية الجنسية" بدلا من مصطلح "الشذوذ"، ومصطلح "الجنس المتعدد الشركاء" بدلا من مصطلحات "الفجور" "الإباحية"، واستخدام مصطلح "الجنس التجاري" بدلا من مصطلح "البغاء"، وعليه فإن الصحفيين ورجال الدين بدلا من أن يقولوا أن "البغاء هو أحد أهم أسباب انتشار مرض الإيدز" عليهم أن يقولوا "ينصح بمراعاة درجة عالية من الحيطة عند ممارسة الجنس التجاري".

كما طالبت الوثيقة رجال الدين أن يكفوا عن اعتبار أن الإيدز عقاب من الله للفساق لوجود أبرياء يصابون بالإيدز عن طريق نقل الدم ونحوه، بالإضافة إلى أن الذين يصابون بالإيدز نتيجة شذوذهم ليسوا بالضرورة مذنبين حسب رأي الوثيقة بل ربما يكونون واقعين تحت تأثير وراثي غير شائع، وأما الذين يصابون بالإيدز نتيجة ممارسات جنسية غير مثلية ولكنها تجارية أو متعددة حسب تعبير الوثيقة فهم أبرأ من البراءة نفسها.

رفض مشكور

وقد أعرب العلماء المسلمين الذين شاركوا في المؤتمر عن رفضهم لهذه الوثيقة شكلا ومضمونا، وأصروا على تسمية الأشياء باسمها من الفسق والمجون والفجور والشذوذ وغيرها من الألفاظ المنفرة.

وهو موقف يحمدون عليه رغم اعتراضنا على مبدأ المشاركة في مثل هذه المؤتمرات المشبوهة التي يستفيد منظموها من هذا الغطاء الشرعي الذي يوفره هؤلاء المشاركون فيها من العلماء بينما لا يستفيد هؤلاء العلماء شيئا إلا الاعتراض على بعض الأمور الشكلية.

وعلى الجانب الآخر اختلف موقف رجال الكنيسة من هذه الوثيقة فبينما استنكرها البعض متشبها بموقف العلماء المسلمين، فقد قبلها الممثل الرسمي للكنيسة الأرثوذكسية معتبرا ما نادت به متماشيا مع روح التسامح التي دعا إليها الإنجيل على حد زعمه.

وضلت الطريق

ولقد ذكرني ذلك بتعبير البغاء الفكري تلك الكلمة التي خرجت من أحد الدعاة، ولكنها ضلت طريقها فبدلا من أن تذهب إلى الصحف العلمانية التي تنشر أفكارا تمثل ترويجا وتمريرا للبغاء الجسدي، فهي بحق تمثل بغاء فكريا، ولكن واسفاه ضلت الكلمة طريقها لنبذ بها الدعاة إلى الله الذين يسعون إلى محاولة تكاتف الجهود من أجل الوقوف سدا منيعا أمام تيار التغريب والعلمنة، وقد قابلنا هذه الكلمة كغيرها بالصبر الجميل والصفح الجميل فلم نستدرج إلى الخروج عن إطار المناقشة العلمية ومقارعة الحجة بالحجة.

وكلنا أمل إذ ضلت هذه الكلمة طريقها في المرة الأولى، ألا تضل طريقها في المرة الثانية، وأن تستقر في صدر هؤلاء الذين يريدون إشاعة الفاحشة في الذين آمنوا، لاسيما أن توجيه النقد للأمم المتحدة لا أظن أن فيه شبهة "الخروج والتكفير" اللتان كان لتصور لزومهما لأي صورة من صور إنكار هذه المنكرات أثر كبير في إحجام هؤلاء الدعاة عن القيام بواجبهم تجاهها

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

الكلمات الدلالية