الثلاثاء، ١٤ ذو القعدة ١٤٤٥ هـ ، ٢١ مايو ٢٠٢٤
بحث متقدم

رسالة من الأستاذ أبي المعالى فائق أحمد

رسالة من الأستاذ أبي المعالى فائق أحمد
الثلاثاء ١٠ أبريل ٢٠٠٧ - ١١:٤٠ ص
13

رسالة من الأستاذ أبي المعالى فائق أحمد

وصلت رسالة الأستاذ أبو المعالى فائق أحمد إلى الموقع تعليقا على مقال الشيخ ياسر برهامي )المشاركة السياسية وموازين القوى)، وقد استأذنت أسرة التحرير الأستاذ أبو المعالى فى نشرها ضمن الدعوة للحوار، فأجابنا مشكورا لذلك.

 

بسم الله الرحمن الرحيم

فضيلة الشيخ الموقر / ياسر برهامى

تحية طيبة وبعد،

وصلتني رسالة من أخ كريم بها مقال فضيلتكم " المشاركة السياسية - وموازين القوى " والحق أقول قرأته أكثر من مرة لما فيه من بعض التناقض المصحوب بالحق الذي يراد به باطل، ويعلم الله أنى أحبك في الله ولولا هذا الحب الذي أرجو أن يكون لله وفى الله، ما علقت على مقالكم، فأرجو من فضيلتكم أن يتسع صدر فضيلتكم لتعليقي الذي أرجو الله أن يكون فيه الحق مبتغانا.

ثم أمّا بعد:

فضيلتكم بدأتم مقالكم بداية كان يمكن لي أن أجعلها هي التعليق لو لم تأت في مقالكم، وهذا جزء منه "فإن أهل الإسلام عموماً وأهل السنة وأتباع السلف خصوصاً يعتقدون شمولية الإسلام لكل جوانب الحياة، الفردية منها والجماعية، والوطنية منها والدولية، الاعتقادية والعبادية والأخلاقية منها، وجوانب المعاملات والسياسة والاقتصاد والاجتماع، وأنظمة الحياة كلها تحقيقاً لقول الله تعالى-: (قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ)(الأنعام 162-163)

فإذا كان الأمر كذلك، إذن هل نريد قرآنا أخرا يقول انخرط في العمل السياسي، وهل جاء محمد -صلى الله عليه وسلم-  إلا في زمن كانت الهيمنة فيه للكفر والشرك، وأرسله الله لهذا العالم حتى يحرره من شركه وكفره، وهو الذي أرسله الله ليكون لنا القدوة الحسنة، وإلا لو كان الأمر غير ذلك فما فائدة أن يرسل الله الرسل؟!، وإذا كان الأمر كما تقول: "فصل الدين عن السياسة عندهم مروق من الدين وزندقة ونفاق وجحد للمعلوم من الدين بالضرورة من أن القرآن قد نزل بأحكام شاملة، منها ما يتعلق بالسياسة والاقتصاد والحرب والسلام والموالاة والمعادة ونظام الحكم ونظام القضاء، والعقوبات من حدود وتعزيرات وغير ذلك" فهل بعد هذا القول من قول.

فهل موازين القوى تجعلكم تحجمون عن المشاركة السياسية التي إن تركتموها سيأتي أصحاب الفكر الهدام أو ما يطلق عليهم " العلمانيون " ليملأوا الفراغ الذي تركتموه، ولا يخفى على فضيلتكم أن السياسة في القرآن الكريم لها النصيب الأوفر، ولها أيضا نفس النصيب في صحيح الأحاديث النبوية الشريفة، وإذا كان الشيخ بن باز رحمه الله قد جعل من قال فصل الدين عن الدولة كافرا كفرا مستقلا، إذا كان الأمر كذلك هل يعقل أن نترك السياسة لأن اللعبة كما أسميتها لا تسمح بالمشاركة إلا بالتنازل عن عقائد ومبادئ لا يرضى عنها أهل السنة، ومن قال أنه من ضروري أن يتنازل صاحب مبدأ عن مبدأه إلا إذا كان هو يريد ذلك.. إلا إذا كان يؤمن ببعض الكتاب ويكفر ببعضه.

وكم أتمنى لو أن فضيلتكم راجعتم فتاوى هيئة كبار العلماء أبّان الجهاد الأفغاني ضد السوفيت وقد كانت فتاوى عظيمة. فهل نتعاطى السياسة حينما يريدها السلطان، ونتركها حينما يريدها الشعب، وقد حدث هذا أيضا في موضوع السنة والشيعة التي ارتفعت وتيرته بعد أن قال الملك عبد الله أن حزب الله متهور، وكذلك قال مبارك في مصر فقامت الدنيا ولم تقعد ضد الشيعة ولم نكن نسمعكم من قبل عن الشيعة أو غيرهم بغض النظر عن رأى كل منا في المذهب الشيعي هل هو على خطأ أم على صواب.

إن الحجة بأن هناك من يقول أو يرى "أنه لو رفض الناس من خلال صناديق الاقتراع شرع الله، ووافقوا على إلغاء مرجعية الشريعة لالتزموا هم بذلك، ولو جاءتهم صناديق الاقتراع برئيس كافر أو ملحد أو شيوعي فهم ملتزمون بذلك، وأن المسلم والكافر عندهم سواء حتى في الولايات الكبرى والأمانات العظمى المنوطة بأهل الإسلام"، هذا كلام تنقصه الحقيقة أو الدقة، ولو حدث هذا فعلى الأمة المسلمة أن تحاربه وتعارضه ولا تهرب من مواجهته، ولو أن ذلك حدث فمرده يا فضيلة الشيخ يرجع إليكم حينما عزفتم عن العمل السياسي الذي أثبت فضيلتكم بأنه من أسياسيات هذا الدين العظيم، إن خطابكم وأدبياتكم بعيدة كل البعد عن الواقع السياسي الذي نعيش، وبعضكم -أى بعض السلفيين- يرى أن حكامنا هم بمثابة أولى الأمر ولا يجوز الخروج عليهم مما جعلكم محط استفهامات كثيرة أقلها أن لكم أجندة خاصة مع ولاة الأمور!.

وإذا كانت أمتنا تعيش حياة ليس كما تريد، بل كما يفرض عليها، أتدرى لماذا؟ لأن علماء الدين لم يحاولوا أن يحمّلوا الحكام أي مسؤولية بل حملوها للمواطنين، ولعلك تعلم أن حكام العرب هم أداة في يد الغرب يحركهم الغرب كيف ومتى شاءوا، ولو أنكم حركتم شبابكم للانخراط في العمل السياسي ليملأوا الفراغ الموجود لكانت هناك أمور تغيرت.

وأما قولك أن قوة التغيير ليست من البشر، فهذا غير صحيح لأن القوة الإلهية تأتى فقط لمن يستحقها وقد ذكرت أن عمر رضوان الله عليه قال: " أتظنون الأمر من هاهنا، وأشار إلى الأرض، إنما الأمر من هاهنا، وأشار إلى السماء "، ولم تقل لنا متى قال هذا الكلام ألم يقله وهو الحاكم ؟ فهل في الأمة حاكم مثل عمر؟ وهل طالبتم من الحكام أن يكونوا مثل عمر؟

ومثالك عن شارون وماذا فعل الله به، أقول لك: لأن شعب فلسطين لم يطبق نظريتك في العزوف عن السياسة بل انغمس في كل أنواع السياسة إلى أن وصل إلى قمتها، وهى المقاومة أو الجهاد، فنزلت قوة السماء لتشد من عزم قوة أهل الأرض، فجعل الله من شارون آية تثبّت الذين آمنوا من الشعب الفلسطيني، ولكأنى انظر إلى قول الحق سبحانه وتعالى: (إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آَمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ)(الأنفال:12) تتنزل الآن على فلسطين المجاهدة، وليس كما قام أحد المشايخ على إحدى القنوات بوصف الاستشهاديين بالانتحاريين، وأن الجهاد لم يحن موعده بعد، فلابد للجهاد من أمير وراية مما جعلكم وكأنكم تنشرون فقه الاستسلام فهل الحركات السياسية في فلسطين تخلت عن سياسة المقاومة؟، وهل موازين القوى في مصالحهم حسب قياسك، ومن هذا المنطلق أرى ثمة تناقض بين تدليلك على أهمية السياسة في الإسلام، ومقارنة موازين القوى الأرضية والسماوية.

أرجو أخي الكريم أن لا تغضب من تعليقي، فالذي دفعني إلى هذا التعليق هو ما حدث في التعديلات الدستورية. يا سيدي، فلو أنكم كنتم تشاركون الأمة في السياسة إضافة إلى ما تقومون به من تربية لكانت هناك أمور كثيرة تغيرت، لكنكم آثرتم السلامة وحصرتم الإسلام في خانة ضيقة بعيدة كل البعد عن الإسلام الحقيقي، الذي جعل عمر بن الخطاب يقول عن القوة ليست من الأرض بل من السماء، نتمنى لو أعدتم النظر في مفهومكم عن السياسة في الإسلام، واسمح لي أن أذكركم يوم أن كنتم تحرمون التلفزيون وبعضكم أصبحوا نجوما على شاشاته علما بأن موازين القوى الإعلامية غير متكافئة، لكنها غير مضرة لبعضكم فما الفرق بين الذين يشاركون في الإعلام وبين الذين يشاركون في البرلمان.

أفيدونا يرحمكم الله.

أبوالمعالى فائق أحمد

عضو اللجنة التنفيذية بحزب العمل

مصر

 

أسرة التحرير

نشكر الأستاذ أبا المعالي على تفاعله مع مقال الشيخ ياسر، وإن كان في هذا التفاعل شئ من الإشارات غير المستحبة كمثل ما أسماه بالأجندة الخاصة، وما يتعلق بحصر لمفهوم الإسلام فى خانة ضيقة من باب إيثار السلامة، وما نسبه للشيخ ياسر من تحريم سابق للتلفزيون مما نعلم قطعا أنه لم يقع، لكننا بمنطق التواد والحب في الله والثقة في الغرض الأصلي من الرسالة فلن نضع هذه الإشارات موضعا للتعليق.

صوت السلف
www.salafvoice.com

 

ربما يهمك أيضاً