الأربعاء، ٢٣ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٠١ مايو ٢٠٢٤
بحث متقدم

فضل الزهد في الدنيا (خطبة مقترحة)

فضل الزهد في الدنيا (خطبة مقترحة)
السبت ٠٦ سبتمبر ٢٠٠٨ - ١٤:٥٠ م
17

فضل الزهد في الدنيا (خطبة مقترحة)

كتبه/ سعيد محمود

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،

الغرض من الخطبة في مقدمة:

- التحذير من إقبال كثير من الناس على الدنيا وتنافسهم عليها مما يسبب قسوة في القلوب وغفلة عن العمل للآخرة.

- تعريف الدنيا: قيل سميت بالدنيا من الدنو، وكل شيء موصوف بالدنو فهو زهيد القيمة، قليل الشأن.

وقيل: لأنها أدنى الآخرة، قال -تعالى-: (وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الأُولَى)(الضحى:4).

وقيل: لأنها بالنسبة للآخرة لا تساوي شيئا؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (موضع سوط أحدكم من الجنة خير من الدنيا وما عليها) رواه البخاري.

قلت: بل ولا طاعة من الطاعات في الدنيا؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها) رواه مسلم.

عناصر الخطبة:

1- القرآن يزهد في الدنيا ويحذر منها:

- قال -تعالى-: (إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)(يونس:24).

- وقال -تعالى-: (اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلا مَتَاعُ الْغُرُورِ)(الحديد:20).

- وقال سبحانه وتعالى-: (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ)(آل عمران:14)، وقال -تعالى-: (أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ . حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ... )(التكاثر).

2- النبي -صلى الله عليه وسلم- يزهد في الدنيا ويحذرنا من فتنتها:

- عن عمرو بن عوف -رضي الله عنه-: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أبا عبيدة بن الجراح رضي الله عنه إلى البحرين يأتي بجزيتها فقدم بمال من البحرين فسمعت الأنصار بقدوم أبي عبيدة فوافوا صلاة الفجر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف فتعرضوا له فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رآهم ثم قال أظنكم سمعتم أن أبا عبيدة قدم بشيء من البحرين قالوا أجل يا رسول الله قال أبشروا وأملوا ما يسركم فوالله ما الفقر أخشى عليكم ولكن أخشى أن تبسط الدنيا عليكم كما بسطت على من كان قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها فتهلككم كما أهلكتهم) متفق عليه.

- عن جابر -رضي الله عنه-: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بالسوق والناس كـَنَفـَتـَهُ -أي: جانبه- فمر بجدي أسك ميت فتناوله بأذنه ثم قال أيكم يحب أن هذا بدرهم فقالوا ما نحب أنه لنا بشيء وما نصنع به قال أتحبون أنه لكم قالوا والله لو كان حيا لكان عيبا فيه لأنه أسك فكيف وهو ميت فقال والله للدنيا أهون على الله عز وجل من هذا عليكم) رواه مسلم.

- وقال -صلى الله عليه وسلم-: (لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرا منها شربة ماء) رواه الترمذي، وصححه الألباني.

3- الدنيا سريعة الانقضاء:

- مقدارها عند أهلها يوم القيامة (قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ)(المؤمنون:113).

- شبهها الله بالزهور؛ لأنها قصيرة العمر: (وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى)(طه:131).

- مكث الإنسان فيها قليل فضلا عن قلتها، قال -صلى الله عليه وسلم-: (ما لي وللدنيا ما أنا في الدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها) رواه الترمذي، وصححه الألباني.

- وقال -صلى الله عليه وسلم- لعبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-: (كن في الدنيا كأنك غريب أو كعابر سبيل) رواه البخاري.

4- أعظم نعيم في الدنيا لا قيمة له:

- عن أنس -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة فيصبغ في النار صبغة ثم يقال يا ابن آدم هل رأيت خيرا قط هل مر بك نعيم قط فيقول لا والله يا رب ويؤتى بأشد الناس بؤسا في الدنيا من أهل الجنة فيصبغ صبغة في الجنة فيقال له يا ابن آدم هل رأيت بؤسا قط هل مر بك شدة قط فيقول لا والله يا رب ما مر بي بؤس قط ولا رأيت شدة قط) رواه مسلم.

5- الحياة الحقيقية هي حياة الآخرة:

- ندم المفرطين في الدنيا: (يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي)(الفجر:24).

- الآخرة هي دار الأهل والولد، ففي حديث فتنة القبر يقول الميت -العبد المؤمن-: (رب أقم الساعة رب أقم الساعة حتى أرجع إلى أهلي ومالي) رواه أحمد، وصححه الألباني.

- لن تأخذ من الدنيا معك إلا العمل، قال -صلى الله عليه وسلم-: (يتبع الميت ثلاثة فيرجع اثنان ويبقى معه واحد يتبعه أهله وماله وعمله فيرجع أهله وماله ويبقى عمله) متفق عليه.

6- صور مشرفة في الزهد:

- زهد النبي -صلى الله عليه وسلم-:

قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: "دخلت على النبي -صلى الله عليه وسلم- فجعلت أقلب بصري في حجرته فلا أجد شيئا يرتد إليه البصر".

- عن عروة عن عائشة -رضي الله عنها- أنها كانت تقول: (والله يا ابن أختي إن كنا لننظر إلى الهلال ثم الهلال ثم الهلال ثلاثة أهلة في شهرين وما أوقد في أبيات رسول الله صلى الله عليه وسلم نار قال قلت يا خالة فما كان يعيشكم قالت الأسودان التمر والماء إلا أنه قد كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم جيران من الأنصار وكانت لهم منائح فكانوا يرسلون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من ألبانها فيسقيناه) متفق عليه.

- زهد أبي بكر -رضي الله عنه-:

- قالت عائشة -رضي الله عنها-: "مات أبو بكر ولم يترك درهما ولا دينارا ولما كان مرض موته قال: كفنوني في ثوبي الحي أولى بالجديد".

- زهد عائشة -رضي الله عنها-:

قال عروة: "لقد رأيت عائشة -رضي الله عنها- تقسم سبعين ألفا وهي ترقع درعها".

- زهد عمر -رضي الله عنه-:

قيل له في عيشه الخشن، فقال: "أنسيتم عيش رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أنسيتم عيش أبي بكر -رضي الله عنه-، والله إني لأرجو بعيشي الخشن هذا أن ألحق بهما في عيشهما الرخي".

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

الكلمات الدلالية

تصنيفات المادة