الخميس، ٢٤ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٠٢ مايو ٢٠٢٤
بحث متقدم

دروس من قصة نبي الله سليمان -عليه السلام- (2) (خطبة مقترحة)

دروس من قصة نبي الله سليمان -عليه السلام- (2) (خطبة مقترحة)
الثلاثاء ١٦ مارس ٢٠١٠ - ٢٠:٢٥ م
18

دروس من قصة نبي الله سليمان -عليه السلام- (2) (خطبة مقترحة)

كتبه/ سعيد محمود

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

مقدمة:

- تذكير بما سبق في إجمال، والتنبيه على أن حديث اليوم نتناول مِن خلاله الأحداث العظام في حياة نبي الله سليمان -عليه السلام-.

(1) قصة الهدهد وملكة سبأ مع سليمان -عليه السلام-:

- ذكر القصة باختصار مِن خلال الآيات مِن قوله -تعالى-: (وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ) إلى قوله: (فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ) (النمل:20- 40).

دروس مِن خلال مشاهد القصة:

1- الإمام يتفقد أحوال الرعية: (وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ) (النمل:20)، عمر -رضي الله عنه- مثل رائع في ذلك.

2- الهدهد الداعي إلى الله: (أَلا يَسْجُدُوا لِلَّهِ) (النمل:25) قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: "كان الهدهد مهندسًا يدل سليمان -عليه السلام- على الماء إذا كان بأرض فلاة طلبه فنظر له الماء في تخوم الأرض كما يرى الإنسان الشيء الظاهر".

3- الأنبياء لا يعلمون الغيب: (أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ) (النمل:22)، فمع كل الإمكانات التي مع سليمان -عليه السلام- خفي عليه أمر مملكة سبأ .

4- (لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمُ امْرَأَةً): (إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ) (النمل:23)، (وَالأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ) (النمل:32-33). وروى البخاري عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما بلغه أن أهل فارس قد ملـَّكوا بنت كسرى بعد أبيها، قال: (لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمُ امْرَأَةً).

5- خبر الواحد مقبول في الأحكام: (سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ) (النمل:27)، أمثلة: "تحويل القبلة - بعث معاذ إلي اليمن".

6- آداب المراسلة: (اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ) (النمل:28)، (إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ . أَلا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ) (النمل:30-31).

7- غالب حال الملوك الإفساد: (إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ) (النمل:34). "الصليبيون يقتلون 70 ألف مسلم لما احتلوا بيت المقدس".

8- الهدية وتأثيرها في النفوس: (وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ) (النمل:35)، مصانعة ومخادعة بلقيس لتعلم أمر سليمان -عليه السلام-، قال ابن عباس -رضي الله عنهما- وغيره: "قالت لقومها: إن قَبِل الهدية فهو ملك، وإن لم يقبلها فهو نبي فاتبعوه".

9- الإسلام أو القتال في شريعة سليمان -عليه السلام-: (قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ . ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ) (النمل:36-37).

10- الشكر عبادة المتقين عند النعم: (فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ) (النمل:40).

روي أن سليمان -عليه السلام- كان يأكل الشعير ويطعم أهله خشن الطحين, ويطعم المساكين الدقيق الأبيض, فقيل له في ذلك؟ فقال: "أخاف إن شبعتُ أن أنسى الجياع"، وهذا مِن الشكر (اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ) (سبأ:13).

(2) قصة الجياد:

قال الله -تعالى-: (وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ . إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ . فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ . رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالأَعْنَاقِ) (ص:30-33). وذكر غير واحد مِن السلف: أنه اشتغل بعرضها حتى فات وقت صلاة العصر فأمر بردها، ثم أمر بها ووسمها بالكي توقيفًا للجهاد (فكيف حال مَن تشغلهم المباريات والمسلسلات عن الصلاة؟!).

(3) ما هي فتنة سليمان -عليه السلام-؟

قال الله -تعالى-: (وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ . قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لا يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ) (ص:34-35).

- بيان بطلان القصص والخرافات الإسرائيلية في ذلك: ومنها: "زعم ضياع خاتمه، وأنه كان فيه سر حكمه، وأنه وقع للشيطان ثم جلس مكانه".

القول الصحيح: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ: لأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ عَلَى تِسْعِينَ امْرَأَةً كُلُّهَا تَأْتِي بِفَارِسٍ يُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ: قُلْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. فَلَمْ يَقُلْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. فَطَافَ عَلَيْهِنَّ جَمِيعًا فَلَمْ تَحْمِلْ مِنْهُنَّ إِلاَّ امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ فَجَاءَتْ بِشِقِّ رَجُلٍ. وَايْمُ الَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْ قَالَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. لَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فُرْسَانًا أَجْمَعُونَ) (متفق عليه).

(4) اليهود واضطرابهم في سليمان -عليه السلام-:

- اليهود ينسبونه -عليه السلام- إلي الكفر؛ لأنهم نسبوا إليه السحر: ذكر محمد بن إسحاق: "لما ذَكرَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سليمان -عليه السلام- في المرسلين: قال بعض أحبار اليهود: يزعم محمد أن ابن داود كان نبيًّا، والله ما كان إلا ساحرًا, فأنزل الله: (وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ . وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا) (البقرة:101-102).

- يهود العصر خالفوا أسلافهم, وزعموا إقامة دولة إسرائيل على هيكل سليمان -عليه السلام- الذي كفـَّره آباؤهم, وذلك مِن خلال محاولات هدم المسجد الأقصى!

(5) وفاته -عليه السلام- وكذب الجن:

قال الله -تعالى-: (فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلا دَابَّةُ الأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ) (سبأ:14).

قال المفسرون: "إنه قام يصلي مستندًا إلى عصاه, فجاء ملك الموت فقبضه وهو متوكئ والجن تعمل بيْن يديه ويحسبون أنه حي, فبعث الله دابة الأرض تأكل عصاه؛ فأكلتها حتى إذا أكلت جوفها خرَّ على الأرض، فلما رأت الجن ذلك؛ تبينوا أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين".

اللهم صلِّ على نبيك سليمان -عليه السلام-، واحشرنا معه ومع نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- في جنات النعيم.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

الكلمات الدلالية

تصنيفات المادة