السبت، ١٩ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٢٧ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

غزة رمز للعزة (6) طوفان الأقصى (1)

غزة رمز للعزة (6) طوفان الأقصى (1)
الاثنين ٠٤ مارس ٢٠٢٤ - ٠٩:٥٦ ص
69

غزة رمز للعزة (6) طوفان الأقصى (1)

(يوم السبت 7 أكتوبر 2023م - 22 ربيع الأول 1445هـ)

كتبه/ علاء بكر

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فقد جاءت عملية طوفان الأقصى التي قامت بها كتائب عز الدين القسام الذراع العسكري لحركة حماس في 22 ربيع الأول 1445هـ الموافق السابع من أكتوبر 2023 -كما أعلن ناطقها الرسمي (أبو عبيدة)- دفاعًا عن الشعب الفلسطيني في مواجهة انتهاكات سلطة الاحتلال الصهيوني واضطهاداتها المتواصلة للشعب الفلسطيني المخالفة للقوانين والمواثيق الدولية التي توجب مراعاة حقوق أصحاب الأرض المحتلة في المعاملة، وردًّا على محاولات تهويد القدس والانتهاكات المستمرة من المستوطنين اليهود لساحة المسجد الأقصى، محملًا سلطة الاحتلال الإسرائيلية المسئولية الكاملة لتبعات جرائمه المتواصلة بحق الفلسطينيين، وبحق القدس الشرقية المحتلة وبحق المسجد الأقصى، وإلزامًا لهذه السلطة بوقف كل المخططات الرامية إلى تهويد المسجد الأقصى وبناء هيكلهم المزعوم على أنقاضه؛ فضلًا عن تحرير الأسرى الفلسطينيين المحتجزين في السجون الإسرائيلية.

كانت ساعة الصفر لعملية طوفان الأقصى هي الساعة السادسة صباحًا، وكانت الخطة الموضوعة لطوفان الأقصى سرية لم يعرفها الذين نفذوها إلا مع اقتراب ساعة الصفر حيث صدرت التعليمات لقادة الكتائب ومسئولي الخلايا بتجميع الأعداد الكبيرة من المقاتلين الذين تم تدريبهم جيدًا لتنفيذ تلك العملية في وقت مبكر من فجر السابع من أكتوبر، وهؤلاء المقاتلون -ويبلغ عددهم قرابة 1500 مقاتل- كانوا قد تلقوا من قبل تدريبات عديدة مكثفة على الأسلحة التي ستستخدم في القتال، والتي يتم تخزينها في ترسانة الأسلحة التي تمتلكها حماس، وتجمعها بعد أداء التدريبات عليها، حيث تم في هذا الصباح توزيع ذخيرة إضافية وأسلحة أكثر قوة ودقة على المجتمعين، وتزويدهم بقذائف صاروخية، وقنابل مضادة للآليات العسكرية، ورشاشات ثقيلة، وبنادق قنص، وكميات كبيرة من المتفجرات والذخائر، وتم اطلاعهم على تفاصيل خطة التحرك، والتأكيد على المهام المحددة لكل مقاتل، أي: إعطاء الأوامر النهائية.

كانت حماس قد أعدت الخرائط التي توضح تفاصيل دفاعات ومواقع العدو الرئيسية، التي استقت معلوماتها من داخل إسرائيل عن طريق المتعاطفين مع الحركة، ومن الفلسطينيين العاملين داخل إسرائيل، وعليه حددت الأهداف المطلوبة سلفًا، ومدت مقاتليها التعليمات شفهية وسرًّا لإخفاء تسرب الأخبار عن طريق العملاء وأنظمة المراقبة والتجسس الإسرائيلية والعالمية المتعاونة معها.

ومع بدء العملية العسكرية تدفق المقاتلون الفلسطينيون من غزة، وغالبيتهم من كتائب القسام ومعهم مقاتلون من فصائل أخرى فلسطينية -بعضهم من سرايا القدس الذراع العسكري لمنظمة الجهاد الإسلامي-، واستخدم المقاتلون الجرافات في اختراق السياج المزدوج للدفاعات الإسرائيلية، ثم عبروا من خلال فجوات أحدثوها في الجدار العازل.

وكان التدفق الفلسطيني في البر والبحر والجو، وفي سرعة اجتاز المقاتلون الفلسطينيون الحدود الإلكترونية والأسوار الحديدية، وعطلوا أجهزة المراقبة والرشاشات الآلية، بينما أطلقت خمسة آلاف صاروخ تجاه العديد من المستوطنات الإسرائيلية من (ديمونا) في الجنوب إلى (هود هشارون) في الشمال وفي العمق في اتجاه القدس.

وقد توجه المقاتلون في سيارات رباعية الدفع وشاحنات صغيرة ودرجات نارية، وقد تبعهم آخرون مستخدمين طائرات مسيرة وشراعية (الطوافات)، والتي لا يمكن رصدها خاصة مع إطلاق أعداد كبيرة من الصواريخ في السماء تجاه أهداف للعدو، وكذلك زوارق بحرية سريعة ودراجات نارية، وقاموا جميعًا بالتنسيق معًا وفي وقت واحد بمداهمة المستوطنات والبلدات والقواعد العسكرية المتاخمة لقطاع غزة والتي تعرف باسم: (غلاف غزة)، حيث خاضوا اشتباكات عنيفة في عدد كبير من المستوطنات المتاخمة والمواقع العسكرية، وسيطروا تمامًا على العديد منها؛ خاصة (سيروت) و(أوفاكيم)، كما اقتحموا (نتيفوت)، وتمكنوا من أسر عدد من الضباط والجنود وبعض المستوطنين، وذلك للمقايضة بهم في عمليات الإفراج عن الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين الموجودين في السجون الإسرائيلية.

كان الهجوم مهولًا مذهلًا كمًّا ونوعًا، من جهة ضخامة أعداد المقاتلين أصحاب الكفاءة والقدرات العالية الذين يتوغلون لأول مرة بهذه الدرجة من التوغل في عمق غلاف غزة، ومن جهة نوعية الهجوم وتعدد محاوره التي شملها برًّا وجوًّا وبحرًا، ومنها الإسقاط بالمظلات، والذي تم بسرعة واحترافية كبيرة خلف خط دفاع غلاف غزة، مع الإحاطة بالمعلومات الوافية حول مواقع محددة داخل المستوطنات، كمواقع فرق الاستجابة الأولى على أي هجوم في فرقة غزة التابعة للجيش الإسرائيلي، ومحيط الدفاع عن المستوطنات في غلاف غزة، وكذلك أماكن تجمعات الجنود والمستوطنين.

لقد كان الهجوم هو الأكبر على إسرائيل والأكثر تدميرًا في يوم واحد في تاريخها، كشف عن تقدم تقني للمقاومة الفلسطينية على قلة إمكانياتها، وعن امتلاكها ترسانة أسلحة لم يتوقعها العدو، ولم ترصدها من قبل أجهزته الاستخبارية ومن يدعمها.

كانت القوات الإسرائيلية في غلاف غزة تعتقد اعتقادًا جازمًا أن حاجزها الأمني الذي يتميز بتقنيته العالية، ويفصل بينها وبين قطاع غزة غير قابل للاختراق، فهناك سياج فاصل مزدوج يبلغ ارتفاعه ستة أمتار وحاجز مجهز بالأسلاك الشائكة والكاميرات، وأجهزة استشعار محصنة بقاعدة خرسانية ضد الأنفاق، ومدافع رشاشة يجري التحكم فيها عن بعد.

كان الإسرائيليون يحتفلون بأحد أعيادهم الدينية حتى وقت متأخر من صباح السبت، وقوات الاحتلال والمستوطنين في حالة استرخاء أمني، فلم يتوقعوا هذا الهجوم المفاجئ، وقد قام قناصة فلسطينيون بإصابة أنظمة المراقبة؛ مما أثر على عمليات المراقبة، وانتشرت سريعًا قوات المقاومة الفلسطينية في العديد من المواقع العسكرية والمستوطنات.

وقد نجح رجال المقاومة في تخطي معبر (كرم أبو سالم)، وقتلوا عند المعبر قائد قوات لواء (ناحال) للقوات الخاصة الإسرائيلية وقتلوا معه أحد المسلحين، واقتحم رجال المقاومة مستوطنة (سيدروت)، وتمكنت عناصر منهم من اقتحام مقر الشرطة داخلها، حيث أجهزت على كل العناصر داخله.

وفي الوقت الذي كانت تتوغل فيه قوات المقاومة في غلاف غزة وتخوض اشتباكات عديدة مع جنود الاحتلال داخل المستوطنات الإسرائيلية، عاودت كتائب القسام من جديد إطلاق صواريخها من غزة تجاه منشآت إسرائيلية حيث قصفت 60 موقعًا.

وفي الثامنة صباحًا ألقى (محمد ضيف) القائد العام لكتائب القسام بيانًا عبر وسائل الإعلام أعلن فيه عن بدء العملية العسكرية، (طوفان الأقصى)، وأكد فيه أن الضربة الأولى استهدفت مواقع العدو العسكرية وأهداف أخرى من خلال صواريخ تجاوز عددها الخمسة آلاف صاروخ، قائلًا: إن هذه العملية جاءت لتضع حدًّا للانتهاكات العسكرية الإسرائيلية، وردًّا على تدنيس المتطرفين من المستوطنين الإسرائيليين لساحات المسجد الأقصى مسرى الرسول -صلى الله عليه وسلم-.

ومؤكدًا أنه من هذا اليوم لا تنسيق أمني مع الاحتلال، وأن الشعب الفلسطيني يستعيد أيضًا بدءًا من هذا اليوم السابع من أكتوبر ثورته، ويعود لمشروعه لإقامة دولته، وقد أحدث البيان ردود أفعال عديدة في كافة الأوساط.

وقد بدأ الإعلام الفلسطيني في نشر وبث مقاطع فيديو فيها جنود إسرائيليون قتلى، وجنود آخرون مستلقون على الأرض يقف مقاتل فلسطيني مسلح فوق رؤوسهم ومستوطنون أسرى، وقد نشرت كتائب القسام مقاطعًا وصورًا لمحاصرة قواتها جنود الاحتلال داخل قاعدة عسكرية تقع على مشارف قطاع غزة، ونشرت صورًا للحظات الاقتحام الأولى والاستيلاء على معبر كرم أبو سالم شرق رفح والإجهاز على الجنود الإسرائيليين في تلك المواقع.

ويمكن القول: إنه لولا هذا التوثيق صورة وصوتًا لجوانب من عملية طوفان الأقصى؛ لكان من الصعب على الكثيرين تصديق ما حدث!

وقد أدلى صالح العروري نائب حركة حماس بيانًا على فضائية الأقصى، ذَكَر فيه: أن عملية طوفان الأقصى جاءت ردًّا على جرائم الاحتلال الإسرائيلي ودفاعًا عن المسجد الأقصى، ولتحرير الأسرى الفلسطينيين الموجودين في سجون الاحتلال، وأن المجاهدين قد بدأوا عملية واسعة لتحقيق ذلك.

ولا يخفى على أحد أن تسمية العملية بطوفان لأقصى هي إشارة واضحة إلى أنها جاءت ردًّا على الاقتحامات والانتهاكات المتكررة للمسجد الأقصى، وقد أكد (أبو حمزة) الناطق باسم سرايا القدس أن التنظيم لديه العديد من الجنود الإسرائيليين الأسرى بين يديه.

وقد أصدر أيضًا إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في الخارج بيانًا صحفيًّا أعلن فيه أن طوفان الأقصى بدأ من غزة وسيمتد للضفة والخارج، وفي كل مكان يتواجد فيه الشعب الفلسطيني، وأن المقاومة تخوض ملحمة بطولية.

ولا يخفى أن هذا التوغل للمقاومة الفلسطينية داخل الأراضي المحتلة لم يحدث من قبل، وبهذه الكيفية كمًّا ونوعًا، وهي تعني بوضوح أن الكيان الصهيوني يواجه شعبًا صلبًا صعبًا، وليست فلسطين أرضًا بلا شعب كما يزعم ويدعي، وأن المقاومة الفلسطينية لم تمت، ولن تموت أبدًا -إن شاء الله تعالى-.

ورغم عدم الإعلان رسميًّا عن أهداف ضربة طوفان الأقصى؛ فقد كان واضحًا أن أهدافها الرئيسية تتمثل في:

1- الهدف الأول:

اقتحام مقر جهاز الأمن الإسرائيلي الداخلي (شين بيت) من خلال معبر (أرتز)، وهذا المقر توجد به كل الكمبيوترات المحتوية على كل المعلومات الموثقة والوثائق الإلكترونية الأمنية السرية، وذلك للحصول على كافة ما فيها من المعلومات الخاصة بالأمن الإسرائيلي في قطاع غزة، وسائر الأراضي الفلسطينية المحتلة، وقد هاجمت عناصر المقاومة المقر على مجموعتين: مجموعة تتعامل مع جنود قوات الاحتلال، ومجموعة تتعامل مع الكمبيوترات والديسكات، وهو ما تم بالفعل بالاستيلاء على أجهزة الكومبيوتر وخوادمها المحتوية على التفاصيل الدقيقة المطلوبة، ومنها بيانات عن كافة العملاء الذين يتعاملون ويعملون لصالح جهاز الأمن الإسرائيلي الداخلي، كما تم أسر اثنين من ضباط الشين بيت العاملين فيه، وتم نقلهما مع الأجهزة إلى قطاع غزة.

2- الهدف الثاني:

اقتحام القاعدة العسكرية التي بها مقر وحدة التجسس الإقليمي الإسرائيلي (الوحدة 8200)، وهي الوحدة المتقدمة في القطاع الجنوبي لإسرائيل للتجسس، والمنوط بها أعمال التجسس على مصر والأردن وإيران والبحر الأحمر، حيث تمتلك الوحدة قدرات عالية جدًّا، جعلت إسرائيل ثاني أكبر دولة في التنصت بعد الولايات المتحدة الأمريكية، وهذه الوحدة تابعة لرئيس أركان الجيش الإسرائيلي مباشرة، حيث يتم نقل كل ما لديها من معلومات إلى جهاز المخابرات الخارجية الإسرائيلي (الموساد)، وإلى جهاز المخابرات الحربية الإسرائيلية (أمان).

والغرض من مهاجمة مقر هذه الوحدة هو: الحصول على كافة ما فيها من المعلومات التي تمتلكها إسرائيل.

كان تأمين الوحدة (8200) وقت الهجوم ضعيفًا؛ إذ لم يكن متوقعًا مهاجمته من جهة، ولوجود حالة استرخاء عسكري في ظل الاحتفال بالعيد الديني (يوم العرش)، كما كان المسئولون الإسرائيليون يترقبون حدوث مظاهرات إسرائيلية داخل إسرائيل احتجاجًا على سعي حكومة نتنياهو لإجراء هيكلة للقضاء في إسرائيل والتي يعارضها الكثير من الإسرائيليين ويستعدون لاستئناف التظاهر ضدها، وكذلك توقع وقوع مظاهرات فلسطينية في الضفة الغربية احتجاجًا على تزايد انتهاكات المستوطنين الإسرائيليين، وهو ما استدعى سحب قوات من أمام قطاع غزة إلى الضفة الغربية للتعامل المتوقع معها، وقد نجحت بالفعل كتائب القسام في الاستيلاء على كافة أجهزة الكومبيوتر وخوادمها وكل الملفات التي تحتفظ بها الوحدة (8200)، وأسر أحد الضباط وأحد مهندسي الكمبيوتر المتخصصين العاملين في التجسس السيبراني بالوحدة، وعادت بكل هذا إلى غزة، وبدأت في تفريغ معلوماته.

3- الهدف الثالث:

اقتحام قاعدة (بيت سليم) العسكرية التي توجد بها قيادة المنطقة العسكرية الجنوبية، وهي التي تشرف على العمليات في النقب والحدود مع مصر ومنطقة البحر الأحمر، وهو ما تمكنت كتائب القسام من تنفيذه، كما أسرت عدد من قياداته.

الموقف على الجانب الإسرائيلي:

كان متوقعًا لدى بعض الاستخباريين والعسكريين الإسرائيليين احتمالية هجوم للمقاومة الفلسطينية على غلاف غزة، بل حذر محلل عسكري ينتمي للوحدة (8200)، والتي تعد وكالة استخبارات إسرائيلية إلكترونية متقدمة، من أن حماس أجرت من ثلاثة أشهر تدريبات مكثفة لمدة يوم واحد، ولكن في ظل حالة الهدوء السائدة، واستبعاد امتلاك حماس معلومات استخبارية عالية، وتوقع عدم قدرة حماس على تنفيذ هجوم شامل وواسع النطاق على هذا المستوى العالي من الإعداد والتنفيذ، إلى جانب الثقة التامة في كفاءة الحاجز الأمني والجدار العازل الإسرائيلي؛ قلل كل ذلك مخاوف الخبراء والمسئولين الإسرائيليين من وقوع هجوم حماس المفاجئ، وأن يكون بهذه الدرجة العالية من الإعداد والتنفيذ؛ إضافة إلى أن تنفيذ الهجوم تم خلال أجواء احتفال اليهود بأحد أعيادهم الدينية (عيد العرش)؛ مما زاد في جعل توقيت الهجوم مفاجئة غير متوقعة.

في السادسة والنصف صباح السابع من أكتوبر دوت صفارات الإنذار في المستوطنات الإسرائيلية المجاورة لغلاف غزة، وبينما كانت أصوات الصواريخ والرصاص تدوي في العديد من المستوطنات والقواعد العسكرية، كان لا يزال البعض يحتفل بمناسبة العيد اليهودي حتى صباح السبت، وجاء الهجوم المباغت صادمًا للقادة والجنود بما يعد فشلًا ذريعًا لأنظمة المخابرات والجهاز العسكري الإسرائيلي في الجنوب التي لم تقدم قبل وقوع الهجوم أي معلومات استخبارية كافية تساعد على الاستعداد لصد الهجوم أو إجهاضه.

وقد أصدر جيش الاحتلال بيانًا أكد فيه أن قائد لواء (ناحال) للقوات الخاصة الإسرائيلية قد قتل في هذا اليوم (السبت) مع أحد المسلحين قرب "معبر كرم أبو سالم"، الذي يفصل بين قطاع غزة وبين إسرائيل، بينما توعد رئيس الوزراء (نتن ياهو) حركة حماس بأنها ستدفع ثمنًا باهظًا لهجومها على إسرائيل صباح اليوم، وذكر عن طريق رسالة تليفزيونية مسجلة من مقره العسكري في تل أبيب أن إسرائيل في حالة حرب، وليس مجرد تحرك أو عملية عسكرية، مشيرا إلى أنه أمر الجيش بتطهير المواقع التي دخلها مقاتلو حماس في البلدات والمدن الإسرائيلية، أما الرئيس الإسرائيلي فنقل عنه قوله: إن إسرائيل تواجه ساعات صعبة، داعيًا الجميع إلى الانصياع لتعليمات قيادة الجبهة الداخلية وإظهار الدعم المتبادل.

وقد أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي (يوآف جالانت): أن حماس قد ارتكبت خطأ فادحًا من خلال هجومها هذا الذي نفذته يوم السابع من أكتوبر داخل المدن والبلدات الإسرائيلية، وذكر في ختام جلسة تقييم الوضع الأمني وبحضور رئيس الوزراء الإسرائيلي (نتن ياهو) أن حركة حماس بدأت الحرب ضد دولة إسرائيل، وأن جنود الجيش الإسرائيلي يقاتلون في كل نقاط الاختراق، مشيرًا إلى أن دولة إسرائيل ستنتصر في هذه الحرب.

وقد أعلن (إثمار بن غفير) وزير الأمن القومي الإسرائيلي حالة الطوارئ الأمنية في إسرائيل ابتداءً من مساء السبت السابع من أكتوبر ردًّا على العملية العسكرية التي قامت بها حماس، بينما أعلن المتحدث باسم جيش الاحتلال (أفيخاي أدرعي) رسميًّا، وفي نفس يوم الهجوم نفسه إطلاق عملية عسكرية كبرى باسم: (السيوف الحديدية) ضد حركة حماس في قطاع غزة ردًّا على هجوم طوفان الأقصى، بينما قال (جوناثان كونريكوس) المتحدث السابق باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي: (لقد فشل النظام بأكمله، فمن الواضح أن البنية الدفاعية بأكملها فشلت في وقف الهجمات وتوفير الدفاع اللازم للمدنيين (المستوطنين) الإسرائيليين)، وأضاف: (سيتغير كل شيء بالنسبة لإسرائيل بعد هذا الهجوم الأخير).

وفي الاجتماع الأمني الذي عقد على الفور بقيادة نتنياهو حددت الحكومة الإسرائيلية أهدافها العاجلة، وتتضمن:

1- العمل سريعًا على استرداد زمام المبادرة بعد تقييم للوضع الميداني.

2- استرداد المستوطنات التي توجد بها عناصر من حماس، مع منع السماح بانسحاب عناصر حماس ومعهم أسرى من العسكريين أو المستوطنين (المدنيين).

3- العمل سريعًا على استرداد صورة الردع بعد أن تبين هشاشة الأمن القومي الإسرائيلي الداخلي، وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي "نتن ياهو" أن ما يجري غير مسبوق، وأن الجيش الإسرائيلي سينتقم ويضرب حماس بلا هوادة، وأن هذه الحرب ستستغرق وقتًا وستشهد أيامًا جسيمة، بينما أعلن المتحدث باسم الخارجية الإسرائيلية أن إسرائيل ستنفذ حملة عسكرية ضد حماس في داخل غزة، وألمح إلى احتمال قيام الجيش الإسرائيلي بغزو بري لقطاع غزة.

وفي الرابعة والنصف عصرًا قصفت إسرائيل بالصواريخ مبنى جمعية خيرية وسط مدينة غزة، وقام الطيران الإسرائيلي بتنفيذ غارة على برج سكني في وسط المدينة فدمره بالكامل، كما قام الطيران الإسرائيلي خلال اليوم بغارات مكثفة على مناطق سكنية متعددة في (بيت لاهيا) شمال قطاع غزة، وفي مخيم (الشابورة) في منطقة رفح جنوب القطاع؛ مما تسبب في وقوع عشرات الشهداء والمصابين.

وردًّا على الاعتداءات الإسرائيلية أطلقت المقاومة الفلسطينية في الثامنة مساءً دفعة جديدة مكونة من 150 صاروخًا باتجاه العديد من المدن والمستوطنات الإسرائيلية، ومنها صواريخ على تل أبيب تسببت في وقف جلسة منعقدة للحكومة الإسرائيلية، وهروب وزرائها إلى الملاجئ.

وقد ظلت قوات المقاومة الفلسطينية تسيطر طوال يوم السابع من أكتوبر على عدد كبير من المستوطنات والقواعد العسكرية الإسرائيلية التي اقتحمتها في الصباح، وقد كبدت قوات الاحتلال ولأول مرة مئات القتلى من جنودها في يوم واحد ومئات الجرحى وعدد كبير من الأسرى من ضباط وجنود الاحتلال والمستوطنين، وهو ما لم يشهده الكيان الصهيوني من قبل.

لقد كانت عملية طوفان الأقصى يوم السبت السابع من أكتوبر 2023 بمثابة شهادة وفاة للأكاذيب والدعاية الإسرائيلية حول تفوقها العسكري وتفوقها الاستخباري والتقني، كما أحيت معها القضية الفلسطينية والاهتمام بها من جديد في نفوس المسلمين في كل العالم الإسلامي خاصة الشباب، كما جرفت وأسقطت تقبُّل الدعوة للديانة الإبراهيمية في المنطقة العربية، وأفشلت جهود العدو الإسرائيلي للتطبيع مع الدول العربية.

وللحديث بقية -إن شاء الله-.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

الكلمات الدلالية