الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
1- فأنا أقول دائمًا أن هناك قوى كثيرة في المجتمع؛ فهناك علمانية متطرفة تحارب الإسلام وتكرهه، وهناك قوى علمانية أقل تطرفًا تقبل التعايش وتقر بالمبادئ العامة للدين، لكنها لا تفهم شموله للدين والدولة والحياة كلها.
وهناك المدرسة القومية التي ترى الدين جزءًا من الشخصية، لكن المهيمن عليها حب الوطن "وهذه هي التي ينتمي إليها الجيش"، ولا يصح أن نجعل الكل في سلة واحدة وخندق واحد فنكثـِّر الأعداء ونعجز عن مقاومتهم، بل علينا أن ندعو الجميع ونختار أقربهم إلى الدين، وما زلتُ أرى أن "الجيش" أهون هذه القوى علينا، وما زلتُ أرى أنهم أقرب إلى الدين من غيرهم.
وإلى الآن لم يتم حسم معركة الدستور، ولا تنسَ أننا في وقت ما سمينا قبول الإعلان الدستوري في "19 مارس" نصرًا؛ لأنه تتضمن المادة الثانية، وفرحنا به لما كان هناك دعاوى لإلغائها وتغييرها.
وأما مسألة الخطأ في الاجتهاد: فكلنا معرَّض لذلك، ولكني أرى أن ما اجتهدنا فيه كان "عين الصواب"، وقد تبيَّن كيف أدى الصدام الذي حذرنا منه إلى سفك الدماء المسلمة بلا ثمن، بل بالسلب على العمل الإسلامي كله!
فما كنتَ تريد منا أن نفعل: أن نشارك في إلقاء أنفسنا وإخواننا إلى حفرة صراع محسوم العاقبة ضد أهل الالتزام وأصحاب العمل الإسلامي، كان المستهدف -"من الغرب خصوصًا"- أن يدفع الجميع إليه؛ لتتم مجزرة أكبر يتخلص فيها من الجميع مع معاداة الشعب كله، ثم يتخلصون بعد ذلك من الجيش ويقسِّمونه، ثم يقسمون البلاد؟!
فماذا كنتَ تريد أن نفعل أفضل من تحريز عباد الله المؤمنين، والمحافظة على رأس المال، والمحافظة على ما يمكن من مساحة الدعوة والقبول لدى الناس؟!
2- بالنسبة للدستور: فالذي يلزمك أن تتوجه إليه باللوم مَن تسببوا في إضعاف العمل الإسلامي حتى وصلنا إلى ما وصلنا إليه، لكن الأمر لم يتعد بعد مرحلة الاقتراحات إلى "لجنة الخمسين"، ثم هناك الاستفتاء؛ فإن تم تمرير إلغاء المادة (219) فسنحث الناس في كل مكان على رفض التعديلات ليبقى الدستور كما هو إذا رفضت.
وعلي أي حال فالدعوة إلى الله لابد أن تظل في تواصل مع الناس، تستعيد الثقة المفقودة، والمنزلة الضائعة بسبب الخطاب المنحرف والتصرفات غير المسئولة، أما التفكير في مظاهرات واعتصامات في هذه الفترة فمعناه إهلاك ما بقي من الإخوة والدعوة، ولكن يمكن مؤتمرات وندوات ينصرف الناس بعدها، وليس الآن، ولكن بعد زوال الأزمة.
3- أظن أن الانسحاب وما سميتَه استقالة إبراءً للذمة: هو غاية أماني القوم المتطرفين! ولماذا أُسلم ما في يدي إن أخذ مني شيء؟! فإن عجزتُ عن شيءٍ؛ فلا يكلف الله نفسًا إلا وُسعها.
وعلى أي حال فالأمور كلها مطروحة للتشاور، ولكن دعْ عنك التشنج والمواقف الإعلامية التي لا تنظر للأمور إلا بعين واحدة؛ وإلا فهل ترى في الانسحاب إحراجًا لهم مع هذه "الآلة الإعلامية الجهنمية"، ومع الحشد الشعبي ضد ما هو إسلامي بسبب ما ذكرتُ من الخطاب المنحرف المسمى بالإسلامي، والأفكار التكفيرية، والتصرفات غير المسئولة المستهينة بالدماء التي تدفع إلى مسارات الفوضى والدمار؟!
4- لا تنسَ أن تعديلات الدستور لم تُقر بَعْد.
www.anasalafy.com
موقع أنا السلفي