الاثنين، ١٣ ذو القعدة ١٤٤٥ هـ ، ٢٠ مايو ٢٠٢٤
بحث متقدم

ضع ولا ترم

قبل أن ترمي .. فكر أن تضع .. وستجد نفسك مضطرًا إلى أن تضع في الموضع الصحيح

ضع ولا ترم
محمد عياد
الأربعاء ١٩ أغسطس ٢٠١٥ - ١١:٣٩ ص
1285

ضع ولا ترم

كتبه/ محمد عياد

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

لو تأملنا أحوالنا لوجدنا أن أكثرنا يتعامل مع الأمور تعاملًا عنيفًا دون داعٍ للعنف، فمثلًا وجدت أن كثيرًا منا لا يضع الشيء في موضعه .. بل .. يرميه رميًا فيسقط بعيدًا عن هدفه أو مكومًا لا مرتبًا ثم تكثر هذه المعاملات في حياتنا حيث نرمي ولا نضع فتتحول الحياة من حولنا لفوضى وربما خلاقة أيضًا ثم نبدأ في أحد اتجاهين: الأول: أن نعيد عملية الترتيب والتنظيم فتستغرق وقتًا كبيرًا ومشوارًا طويلًا يكون ناتجه سقوط عدد من الضحايا لطوله أثناء محاولتهم الخروج من نفق الهمجية والفوضى، الثاني: أن يستمر بعضنا على هذه الفوضى فيتكيف معها ثم يجد نفسه مضطرًا للتقنين لها وتقديمها في قالبٍ علمي نظري فذ!! بينما الأمر كله أسهل من ذلك بكثيرٍ جدًا وهو: فقط أن: تضع ولا ترمي. فمثلًا: لو أنك عدت إلى بيتك فوضعت كل شيءٍ في موضعه ..ملابسك .. ساعتك ..حذاءك .. بدلًا من أن ترمي هذا في ناحيةٍ وذلك في أخرى، أو أنك دخلت مكتبك فوضعت أغراضك وضعًا في مكانها بدلًا من أن ترميها رميًا فتقع في أي مكانٍ أو، على الأقل، تحدث ضجيجا أو تظهر بشكل غير مرتب .. ولماذا لا تضع أوراقك وكتبك وملفاتك في مكانها المخصص وبطريقةٍ منظمةٍ حتي يسهل عليك الرجوع إليها دون إنفاق وقتٍ كبيرٍ في البحث عنها عند الحاجة؟؟ إن رميك لها في أي مكانٍ ليس فقط يضيعها بل يضيعك أنت أيضًا ..فكم من مرةٍ احتجت لها فبحثت وأنت على يقينٍ بوجودها فلم تجدها .. فكانت خسارةً لك: مرة بشرائها، ثانية إن كانت تباع ومرة بضياع ما فيها من قيمة إن كنت تعبت في تحصيلها وتدوينها!! أو أنك وضعت أموالك في مكانٍ مخصصٍ لها مرتبة مئات ثم خمسينات ثم عشرينات ثم عشرات وهكذا حتى يسهل عليك صرف المطلوب منها بدلًا من حالة الحرب التي تضطر إليها إذا ما أردت استخراج خمسة جنيهات من بين عشراتٍ وخمسيناتٍ وغيرها، ومثلًا: فقد يؤدي إلى ضياع بعضها نتيجة وقوعها بسبب ارتباك حركة البحث عنها وكذلك مشاعرك ... لماذا لا تضعها في موضعها أيضًا؟ إنها من أهم الأمور التي تحتاج إلى ذلك .. فلماذا ترمي بمشاعر الحب لنساءٍ غير حليلتك بينما لا تضعها لزوجتك؟ .. ولماذا ترمي بمشاعر الكره لأناسٍ من إخوانك لم يقصدوا إيذائك يومًا؟ وكان الأجدر بك أن تضع لهم مشاعرك وضعًا لا ترميها رميًا فتقع في زاوية الكراهية بدلًا من زاوية الحب .. فهذا إهدارٌ للمشاعر مما يزيد احتقان القلب واضطرابه لأنه لا يحب ما يجب أن يجب والعكس صحيح وكذلك .. أليس الأفضل أن تضع الكلمات في موضعها ..فتفكر قبل أن تقول وينطق لسانك .. ثم تجد نفسك في دائرة الصراع بين الاعتراف بالخطأ مع الاعتذار و ما تجده من آلام ذلك الاعتذار إن وضعته، أخيرًا: فكر قبل أن ترمي .. فكر أن تضع .. وستجد نفسك مضطرًا إلى أن تضع في الموضع الصحيح وبالطريقة الصحيحة فليس فقط المطلوب أن تضع، ضع ولا ترم .. توفيرًا للوقت والجهد والقلب والذهن.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة