الجمعة، ١١ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٩ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

تنبيهات رمضانية (4) مكان الاعتكاف

تنبيهات رمضانية (4) مكان الاعتكاف
الثلاثاء ٢٦ أبريل ٢٠٢٢ - ١٢:١٤ م
164

تنبيهات رمضانية (4) مكان الاعتكاف


كتبه/ محمد إسماعيل المقدم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛  

فما زال الحديث موصولًا حول بعض الفوائد والتنبيهات الرمضانية التي تمس الحاجة إلى بيانها، مما يتعلَّق بمخالفات للسُّنة تتكرر في شهر رمضان المعظم بصورة موسمية، ومن ذلك:

مكــان الاعتكـــاف:

- قال القرطبي: "أجمع العلماء على أن الاعتكاف لا يكون إلا في المسجد؛ لقول الله تعالى: "ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد" .

- وقال الموفق ابن قدامة: "لا يصح الاعتكاف في غير مسجد إذا كان بالمعتكف رجلًا، لا نعلم في هذا بين أهل العلم خلافًا، والأصل في ذلك قوله تعالى: "ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد"،  فخصَّهَا بذلك، فلو صح الاعتكاف في غيرها لم يختص تحريم المباشرة فيها، فإن المباشرة محرمة في الاعتكاف مطلقًا".

ولا يصح الاعتكاف إلا في مسجد جماعة:

- قال ابن قدامة رحمه الله: "وإنما اشترط ذلك -أي: كون المسجد مسجد جماعة-"؛ لأن الجماعة واجبة، واعتكاف الرجل في مسجد لا تقام فيه الجماعة يُفضي إلى أحد أمرين:

- إما ترك الجماعة الواجبة.

- وإما خروجه إليها، فيتكرر ذلك كثيرًا مع إمكان التحرز منه، وذلك منافٍ للاعتكاف؛ إذ هو لزوم المعتكَف، والإقامة على طاعة الله فيه".

ويلزمه الخروج إلى الجمعة، ولا يبطل اعتكافه؛ لأنه خروج بعذر مشروع، ولا يتكرر إلا مرة في الأسبوع.

- قال الكاساني رحمه الله: "وكذا في الخروج في جمعة ضرورة؛ لأنها فرض عين، ولا يمكن إقامتها في كل مسجد، فيحتاج إلى الخروج إليها كما يحتاج إلى الخروج لحاجة الإنسان، فلم يكن الخروج إليها مبطلًا لاعتكافه".

- قال البخاري رحمه الله في صحيحه: "باب: الاعتكاف في العشر الأواخر، والاعتكاف في المساجد كلها، لقوله تعالى: "ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد".

- قال الحافظ في الفتح: "قوله: والاعتكاف في المساجد كلها: أي: مشروطية المسجد له، من غير تخصيصٍ بمسجدٍ دون مسجد".

- وقال النووي رحمه الله: "وإذا ثبت جوازه في المساجد؛ صح في كل مسجد، ولا يُقبل تخصيصُ مَن خصه إلا بدليل، ولم يصح في التخصيص شيء صريح".

تنبيهان:

الأول: الحكمة من الاعتكاف لم شعث القلب بإقباله بالكلية على الله تعالى، ومِن ثَمَّ يِشُرع فيه ما يذهب فضولَ الطعام والشراب، ويستفرغ أخلاط الشهوات التي تعيق القلب عن سيره إلى الله تعالى، وذلك إنما يتم مع الصوم، بل اصطفى له النبي صلى الله عليه وسلم أفضل أيام الصوم، وهو العشر الأخير من رمضان، وشرع فيه حبس اللسان عن كل ما لا ينفع في الآخرة من فضول الكلام، وشرع فيه قيام الليل اغتنامًا لشرف الوقت، واجتنابًا لفضول النوم، وكان صلى الله عليه وسلم إذا اعتكف دخل قبته وحده، وكان لا يدخل بيته إلا لحاجة الإنسان، كل هذا: تحصيلًا لمقصود الاعتكاف وروحه عكس ما يفعله الجهال من اتخاذ المعتكَف موضعَ عِشْرَة، ومجلبة للزائرين، وأخذهم بأطراف الأحاديث بينهم؛ فهذا لون، والاعتكاف النبوي لون، والله الموفق".

الثاني: الاعتكاف سنة في كل وقت، وآكده في رمضان، وآكده في العَشر الأخير منه، فإذا تعارض مع فرض كـ"بر الوالدين، أو طاعة الزوج" قُدِّم الفرضُ، كما يُفعل في نظائره عند التعارض، فإن خالف والده واعتكف، قيل فيه: "عصى، وصَحَّتْ"، أي: عصى بارتكاب المحرم أثناء العبادة، وصحت العبادة؛ لانفكاك الجهتين، والله أعلم.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com


 


ربما يهمك أيضاً