الخميس، ١٧ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٢٥ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

مَن خلق الله؟! (3)

مَن خلق الله؟! (3)
الثلاثاء ١٨ أكتوبر ٢٠٢٢ - ٠٩:٣٥ ص
67

 

مَن خلق الله؟! (3)

كتبه/ إيهاب شاهين

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

قدَّمنا في المقال السابق أن سؤال الملحدين: مَن خلق الله؟ جاء كردِّ فعلٍ لأحد الأسئلة الوجودية الكبرى: مَن خلق الكون؟  

والإجابة الفطرية البديهية: أن خالق الكون هو الله؛ مما حدا بالملحدين لتجاوز هذه الإجابة البديهية حتى يؤسسوا لقاعدة ينطلقون من خلالها إلى سؤال يقض مضاجع أهل الإيمان (زعموا!): إذا كان الخالق هو الله إذًا فلكل موجود خالق، والله موجود؛ إذًا مَن خلق هذا الخالق؟!

فنقول: أولًا: هذه القاعدة بهذا اللفظ: أن لكلِّ موجود خالقًا غير صحيحة، بل الصحيح أن لكل شيء حادثًا مسببًا. 

ثانيًا: هذا السؤال يخالف قاعدة منطقية شهيرة تقول: التسلسل في الفاعلين يؤدي بالضرورة إلى عدم حدوث الفعل، وهذا مستحيل عقلًا.

ومما يوضح أن التسلسل في الفاعلين يؤدي بالضرورة إلى عدم وقوع الأفعال: أننا لو افترضنا أن مجرمًا حكم عليه بالقتل، فقال الجندي: لا يمكن أن أضرب عنقه حتى يأمرني مَن هو أعلى مني رتبة، وقال مَن هو أعلى منه: لا يمكن أن آمر بذلك حتى يأمرني من هو أعلى مني رتبة، وقال من هو أعلى منه مثل قوله، فإننا إذا افترضنا أن السلسلة لا تنتهي إلى قائد لا ينتظر الأمر ممَّن هو أعلى منه؛ فإنه لا يمكن أن يقتل ذلك المجرم، وإذا وجدناه مقتولًا فإننا نعلم بالضرورة أن السلسة منتهية إلى حدٍّ معينٍ بالضرورة. .  

وفي  سلسلة الفاعلين أو الخالقين لا بد أن نصل إلى علة غير معلولة أو حادث غير محدث، أو خالق غير مخلوق، وهو الله تعالى كما قال تعالى: "وأن إلى ربك المنتهى"؛ ولذلك فسَّر النبي صلى الله عليه وسلم قول الله عز وجل: "هو الأول والآخر والظاهر والباطن"، بقوله: "أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء، ومعنى الأول الذي لا بداية له فلم يسبقه شيء". 

وبهذا التفسير يصبح سؤالهم كالتالي: ما الشيء الذي سبق الشيء الذي لا شيء قبله؟! أو ما بداية الشيء الذي لا بداية له؟ وهذا سؤال غاية في السخف والسقوط! 

إذًا سؤال مَن خلق الخالق يخالف العقل والمنطق؛ فضلًا عن أن طرحه بداية خطأ فادحًا، كمَن يقول: إذا أنجب الرجل: هل المولود ذكر أم أنثى؟

نقول له: لا يوجد عاقل يسأل هذا السؤال، والسؤال خطأ، لكننا تنزلنا مع هؤلاء الملحدين في سؤالهم: "مَن خلق الله!"؛ لنبيِّن سفاهة عقولهم وسقوط منطقهم. 

والحمد لله رب العالمين.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com


الكلمات الدلالية

تصنيفات المادة