الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فقد قال الإمام ابن قدامة -صاحب المغني- في كتابه: (المقنع): "وَإِنْ أَكْرَهَ إِنْسَانًا عَلَى الْقَتْلِ فَقَتَلَ فَالْقِصَاصُ عَلَيْهِمَا، وَإِنْ أَمَرَ مَنْ لا يُمَيِّزُ أَوْ مَجْنُونًا أَوْ عَبْدَهُ الَّذِي لا يَعْلَمُ أَنَّ الْقَتْلَ مُحَرَّمٌ فَقَتَلَ، فَالْقِصَاصُ عَلَى الآمِرِ، وَإِنْ أَمَرَ كَبِيرًا عَاقِلاً عالما بِتَحْرِيمِ الْقَتْلِ فَقَتَلَ فَالْقِصَاصُ عَلَى الْقَاتِلِ، وَإِنْ أَمَرَ السُّلْطَانُ بِقَتْلِ إِنْسَانٍ بِغَيْرِ حَقٍّ مَنْ يَعْلَمُ ذَلِكَ، فَالْقِصَاصُ عَلَى الْقَاتِلِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَعَلَى الآمِرِ".
قال في الشرح الكبير عند قول صاحب المقنع: "وَإِنْ أَمَرَ كَبِيرًا عَاقِلاً عالما بِتَحْرِيمِ الْقَتْلِ فَقَتَلَ فَالْقِصَاصُ عَلَى الْقَاتِلِ": "لا نعلم فيه خلافًا؛ لأنه قاتل ظلمًا؛ فوجب عليه القصاص كما لو لم يؤمر" انتهى.
وقال في الإنصاف: "وأما الآمر؛ فالصحيح من المذهب أنه يعزر لا غير".
وقال في الشرح الكبير عند قوله: "وَإِنْ أَمَرَ السُّلْطَانُ بِقَتْلِ إِنْسَانٍ بِغَيْرِ حَقٍّ مَنْ يَعْلَمُ ذَلِكَ، فَالْقِصَاصُ عَلَى الْقَاتِلِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَعَلَى الآمِرِ": "إذا كان المأمور يعلم أن المأمور بقتله لا يستحق القتل؛ فالقصاص عليه؛ لأنه غير معذور في فعله؛ فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ) (رواه أحمد والحاكم، وصححه الألباني)، وعنه -عليه السلام- أنه قال: (مَنْ أَمَرَكُمْ مِنَ الْوُلاَةِ بِمَعْصِيَةٍ فَلاَ تُطِيعُوهُ) (رواه أحمد وابن ماجه والحاكم، وحسنه الألباني)، فلزم القصاص كما لو أمره غير السلطان. وإن لم يعلم ذلك؛ فالقصاص على الآمر دون المأمور؛ لأن المأمور معذور؛ لوجوب طاعة الإمام في غير المعصية، والظاهر أنه لا يأمر إلا بالحق" انتهى.
ونحن نجزم أن الآمر بالقتل في حال ثبوته لا يظهر أنه ممن لا يأمر إلا بالحق، بل ظلمه وغشمه وعدوانه ظاهر لكل أحد؛ إلا بعض أتباع الهوى ممن يجعله ولي أمر شرعي!
- وقانون العقوبات المصري ليس موافقًا للشرع في جرائم القتل العمد والتحريض، وغيره.
موقع أنا السلفي
www.anasalafy.com