الجمعة، ١٨ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٢٦ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

دعوى تأثر القرآن والسُّنة بالاختلافات السياسية بيْن الصحابة! وجواب ذلك

السؤال: هل الخلاف والشجار الذي حصل بيْن الصحابة كان سياسيًّا فقط؟ يعني هل الدين والسُّنة والقرآن وصلوا إلينا دون أن يمس شيء منهم بسبب خلافهم، وأنهم مِن الناحية الدينية لم تصبهم الفتنة؟ وكيف نرد على هذه الشبهات؟ فهذه الشبهات تقول إننا نأخذ الدين منهم، وكان هناك الكثير مِن الاختلاف بينهم مِن بعد مقتل الرسول -صلى الله عليه وسلم- كاختلافهم وقت حرق عثمان للمصاحف، وهل تؤخذ خلافات مِن ألب على عثمان؟ فأنا تعبت وأنا أبحث عن إجابات لهذه الأمور. ثم لماذا يسكت أغلب الشيوخ عن هذه الأمور حتى عندما أسألهم لا يعطونني إجابات وافية عما يخص هذه الخلافات بحجة أننا يجب أن نقف عند خلافاتهم حتى لا ننقص أو نزيد أو نطعن، لكن أعتقد أنه لا بد أن يوضحوا المواقف ويشرحوها؛ حتى لا نقع في الشبهات والشكوك؟

دعوى تأثر القرآن والسُّنة بالاختلافات السياسية بيْن الصحابة! وجواب ذلك
الأربعاء ١١ يناير ٢٠١٧ - ١٤:٥٨ م
1122

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛ 

فقد أجمع المسلمون على تواتر القرآن كما وعد الله بحفظه: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (الحجر:9)، فهو وصل إلينا ولمن قبلنا، ويصل إلى مَن بعدنا كاملاً حرفًا حرفًا، وكلمة كلمة، والصحابة -رضي الله عنهم- لم يختلفوا في ذلك قط، وأما تحريق المصاحف فقد كان في طريقة الكتابة، وترتيب السور، والعمل عند تعدد القراءات، وهي كلها مِن القرآن؛ فهو اختلاف تنوع، ولكن احتاجوا إلى أن يرسم ويرتب بطريقة واحدة؛ لمنع اختلاف الناس في ذلك، فرُسم هذا المصحف المعروف بالرسم العثماني، وبهذا الترتيب للسور، وحُرق ما سواه باجتهاد وافقه عليه عامة الصحابة.

أما ابن مسعود -رضي الله عنه- فكان يحب أن يرتب مصحف ويرسمه على قراءته، ولا يرى الجمع على رسم واحد، ولا شك أن الأمة قد أجمعت على صحة ما فعله عثمان -رضي الله عنه-، ومصلحته العظيمة في تيسير حفظ القرآن؛ فليس للاختلافات التي يبنهم أثر في ذلك.

وأما مَن ألبوا على عثمان -رضي الله عنه- وثاروا عليه؛ فليس فيهم أحدٌ مِن الصحابة -رضي الله عنهم-، وإنما هم مجموعات مِن الغواة المنحرفين الظالمين الذين لا يُعتد بهم في علم ولا في سياسة، بل هم من المفسدين فلم يؤخذ عنهم شيء، والسُّنة قد حفظتْ بعلم الإسناد الذي لم يوجد له في أمم العالَم مثيل مِن تتبع الرواة واحدًا واحدًا، ورد رواية الضعيف والمجهول؛ فضلاً عن الكذابين والوضاعين، والبحث في اتصال الإسناد بيْن الرواة؛ إضافة إلى النظر إلى المعاني والمتون، ومقارنتها بالثوابت؛ كتابًا وسنة متواترة أو متلقاة بالقبول، وإجماعًا.

وأما اختلافات الصحابة -رضي الله عنهم- ومَن بعدهم في الأمور الاجتهادية "سواء السياسية أم العلمية"؛ فهي لا تقدح قطعًا في نقل الدين عنهم؛ لأنها في دائرة غير دائرة الثوابت في العقيدة والعمل والسلوك.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com