الثلاثاء، ١٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ١٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

مدنية الدولة في التعديلات الدستورية 2019م

وقد أحدث مصطلح مدنية الدولة تخوفًا عند بعض المواطنين، وعلى رأسهم أعضاء حزب النور

مدنية الدولة في التعديلات الدستورية 2019م
طلعت مرزوق
السبت ٢٠ أبريل ٢٠١٩ - ١٠:٠٨ ص
1199

مدنية الدولة في التعديلات الدستورية 2019م

 كتبه/ طلعت مرزوق

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فقد نصَّت المادة رقم: (200) مِن مشروع الدستور المصري المُعَدل في أبريل 2019م على أنَّ: "القوات المسلحة مِلكٌ للشعب، مهمتها حماية البلاد، والحفاظ على أمنها وسلامة أراضيها، وصون الدستور والديمقراطية، والحفاظ على المقومات الأساسية للدولة ومدنيتها، ومكتسبات الشعب وحقوق وحريات الأفراد، والدولة وحدها هي التي تُنشئ هذه القوات، ويُحظر على أي فردٍ أو هيئةٍ أو جهةٍ أو جماعةٍ إنشاء تشكيلات أو فِرق أو تنظيمات عسكرية أو شِبه عسكرية".

وقد أحدث مصطلح "مدنية الدولة" تخوفًا عند بعض المواطنين، وعلى رأسهم: "أعضاء حزب النور"؛ بسبب عدم وجود تعريف جامع مانع لهذا المصطلح في المعاجم والمراجع اللغوية والقانونية، والسياسية المعتمدة.

ويمكن حصر التعريفات المتداولة في غيرها فيما يأتي:

- الدولة العصرية "الحضارية".

- الدولة الوطنية الدستورية، أو الديمقراطية الحديثة.

- مقابل الدولة العسكرية البوليسية.

- مقابل الدولة الدينية الثيوقراطية بالمفهوم الغربي.

- دولة المواطنة، واحترام الدستور والقانون، والفصل بين السلطات.

- الدولة العلمانية.

وحيث إن الأصل في الألفاظ الدستورية أن تكون محددة واضحة، وخوفًا مِن محاولة ترويج بعض العلمانيين التعريف الأخير -ولو مستقبلًا-، وخاصة بعد تصريح الرئيس التونسي "باجي قايد السبسي"، رفض حزب النور هذه الصياغة باللجنة العامة لمجلس النواب، ثم باللجنة الدستورية والتشريعية، ثم بجلسات الحوار المجتمعي، وطَرحَ عدة صياغات بديلة.

وعندما طُرحت الصيغة النهائية للمادة بالجلسة العامة لمجلس النواب للتصويت النهائي، دون تعديل الصياغة، رفض رئيس الهيئة البرلمانية لحزب النور التعديلات الدستورية، حتى عرض رئيس المجلس اقتراح تصويت المجلس على اللاءات الثلاثة لتفسير هذا المصطلح بالمضبطة، وهي:

- لا دينية ثيوقراطية.

- لا عسكرية بوليسية.

- لا علمانية.

ووافق المجلس بأغلبيةٍ ساحقةٍ، فأعلن رئيس الهيئة البرلمانية لحزب النور الموافقة.

التكييف القانوني للتصويت على اللاءات الثلاثة:

يمكن تكييف هذا الحدث بأنه اقتراح بقرارٍ طبقًا لنص المادة رقم 424 مِن اللائحة الداخلية لمجلس النواب الصادرة بالقانون رقم 1 لسنة 2016، والتي نصت على أن: "لكل عضو أن يقدِّم اقتراحًا بقرارٍ يرغب في أن يصدره المجلس في نطاق اختصاصه... ".

ونصت المادة رقم: 7 على أن: "يُراعي رئيس المجلس مطابقة أعمال المجلس لأحكام الدستور والقانون، وهذه اللائحة... ".

كما نصت المادة رقم: 318 على أن "لا يُطرح أي اقتراح لأخذ الرأي عليه إلا مِن رئيس المجلس... ".

ونصت المادة رقم: 332 على أن: "تُحرِر الأمانة لكل جلسة مضبطة يُدون بها تفصيلًا جميع إجراءات الجلسة، وما عُرِض فيها من موضوعات وما دار من مناقشات، وما صدر من قراراتٍ، وأسماء الأعضاء الذين أبدوا الرأي في كل اقتراح بالنداء بالاسم ورأي كل منهم".

ونصت المادة رقم: 335 على أن: "... يوقع على المضبطة مِن رئيس المجلس، والأمين العام بعد التصديق من المجلس عليها، وتحفظ بسجلات المجلس، وتنشر في ملحقٍ خاصٍّ للجريدة الرسمية".

التفسير القضائي للحدث:

نصت المادة رقم 101 مِن الدستور على أن: "يتولى مجلس النواب سلطة التشريع... وذلك كله على النحو المبين في الدستور".

كما نصت المادة رقم: 192 على أن: "تتولى المحكمة الدستورية العليا دون غيرها الرقابة القضائية على دستورية القوانين، واللوائح، وتفسير النصوص التشريعية... ".

ونصت المادة رقم: 26 مِن القانون رقم 48 لسنة 1979 بشأن المحكمة الدستورية العليا على أن: "تتولى المحكمة الدستورية العليا تفسير نصوص القوانين الصادرة مِن السلطة التشريعية، والقرارات بقوانين الصادرة مِن رئيس الجمهورية وفقًا لأحكام الدستور؛ وذلك إذا أثارت خلافًا في التطبيق، وكان لها مِن الأهمية ما يقتضي توحيد تفسيرها".

كما نصت المادة رقم: 33 على أن: "يُقدم طلب التفسير مِن وزير العدل بناءً على طلب رئيس مجلس الوزراء أو رئيس مجلس الشعب أو المجلس الأعلى للهيئات القضائية. ويجب أن يُبين في طلب التفسير النص التشريعي المطلوب تفسيره وما أثاره مِن خلاف في التطبيق ومدى أهميته التي تستدعى تفسيره تحقيقاً لوحدة تطبيقه".

تعقيب:

الأصل أن النص الصريح الواضح لا مجال لتفسيره، وليس على القاضي إلا أن يُطبقه دون تغيير معناه، أو مخالفة الحكم الذي ينص عليه.

وإذا كان النص بخلاف ذلك؛ فإن طرق ووسائل التفسير على قسمين:

الأول: طرق التفسير الداخلية للنص، ومِن أهمها: الاستنتاج بطريق القياس، والاستنتاج مِن باب أولى، والاستنتاج بمفهوم المخالفة.

الثاني: طرق التفسير الخارجية، وأهمها: حكمة القانون وغايته، والأعمال التحضيرية، والمصادر أو السوابق التاريخية.

(الطعن رقم 2324 لسنة 72 ق، جلسة 11 أكتوبر 2004 إيجارات، وفتوى الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة رقم 909 بتاريخ 23 أكتوبر 2016 - جلسة 5 سبتمبر 2016 - ملف رقم 47 / 1 / 302، ورقم 1223 بتاريخ 21 ديسمبر 2016 - جلسة 30 نوفمبر 2016 - ملف 58 / 3 / 384).

تكامل نصوص الدستور:

نصت المادة رقم: 227 مِن الدستور على أن: "يُشكل الدستور بديباجته وجميع نصوصه نسيجًا مترابطًا، وكلًّا لا يتجزأ، وتتكامل أحكامه في وحدة عضوية متماسكة".

وقد أكَّدت المحكمة الدستورية العليا على أنه: "مِن المقرر -وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة- أن نصوص الدستور لا تتعارض أو تتهادم أو تتنافر فيما بينها، ولكنها تتكامل في إطار الوحدة العضوية التي تنتظمها مِن خلال التوفيق بين مجموع أحكامها، وربطها بالقيم العليا التي تؤمن بها الجماعة في مراحل تطورها المختلفة.

ويتعين دومًا أن يُعتد بهذه النصوص بوصفها متآلفة فيما بينها، لا تتماحى أو تتآكل، بل تتجانس معانيها وتتضافر توجهاتها، ولا محل بالتالي لقالة إلغاء بعضها البعض بقدر تصادمها؛ ذلك أن إنفاذ الوثيقة الدستورية وفرض أحكامها على المخاطبين بها، يفترض العمل بها في مجموعها، باعتبار أن لكل نصٍّ منها مضمونًا ذاتيًّا لا ينعزل به عن غيره مِن النصوص أو ينافيها أو يسقطها، بل يقوم جوارها متساندًا معها، مقيداً بالأغراض النهائية والمقاصد الكلية التي تجمعها".

(القضية رقم 15 لسنة 18 ق دستورية - جلسة 2 يناير 1999).

التعارض بين نصوص الدستور:

استقر قضاء المحكمة الدستورية العليا على أن نصوص الدستور، ومدى تنافر بعضها البعض، أو تقدير مدى انطباقها، يخرج عن نطاق الرقابة على دستورية القوانين، ومِن ثَمَّ فقد جعلت المحكمة الدستورية العليا تفسيرها لمفهوم القوانين قيدًا مِن قيود الرقابة، بحيث إذا كان التعارض بين نصين، ولم يكن أحدهما نصًّا دستوريًّا والآخر تشريعيًّا "قانون أو لائحة"؛ امتنع عليها الرقابة.

(القضية رقم 23 لسنة 15 ق دستورية - جلسة 5 فبراير 1994، القضية رقم 76 لسنة 29 ق دستورية - جلسة 1 أكتوبر 2007).

تعقيب:

بناءً على ما سبق، فإذا كان النص واضحًا للقاضي الذي يقوم بالتفسير القضائي، فلا يمكن أن يتصوره إلا مِن خلال المادة الثانية: "الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع".

والثالثة: "مبادئ شرائع المصريين مِن المسيحيين واليهود، المصدر الرئيسي للتشريعات المُنظِمة لأحوالهم الشخصية وشئونهم الدينية، واختيار قياداتهم الروحية".

والسابعة: "الأزهر الشريف هيئة إسلامية علمية مستقلة، يختص دون غيره بالقيام على كافة شئونه، وهو المرجع الأساسي في العلوم الدينية والشئون الإسلامية، ويتولى مسئولية الدعوة ونشر علوم الدين واللغة العربية في مصر والعالم، وتلتزم الدولة بتوفير الاعتمادات المالية الكافية لتحقيق أغراضه. وشيخ الأزهر مستقل غير قابل للعزل، وينظم القانون طريقة اختياره من بين أعضاء هيئة كبار العلماء".

والعاشرة: "الأسرة أساس المجتمع، قوامها الدين والأخلاق والوطنية، وتحرص الدولة على تماسكها واستقرارها وترسيخ قيمها".

والرابعة والعشرين: "اللغة العربية والتربية الدينية والتاريخ الوطني بكل مراحله مواد أساسية في التعليم قبل الجامعي الحكومي والخاص، وتعمل الجامعات على تدريس حقوق الإنسان والقيم والأخلاق المهنية للتخصصات العلمية المختلفة".

التفسير غير المباشر للدستور:

تقدم الرقابة على دستورية القوانين واللوائح الصورة التقليدية لتفسير الدستور، فهي تتيح للمحكمة الدستورية -أو الجهة المختصة بحسب الأحوال- فرصة إنزال حكم الدستور على النص المعروض عليها، بما يسمح بالكشف عن مضمون نصوصه، وتحديد مرادها، وتبصرة المخاطبين بأحكام النص الدستوري بحقوقهم وواجباتهم التي تضمنتها نصوصه، ومِن ثَمَّ فهي تقدم أحد وسائل تفسير نصوص الدستور، وإن كانت وسيلة غير مباشرة.

بيد أن المقصود بإعمال الرقابة الدستورية هنا ليس تفسير النص الدستوري في ذاته لتحديد دلالة فنية له، وإنما المقصود هو إنزال حكم الدستور على النص التشريعي المطروح على المحكمة، ليكون أثر ذلك هو تحديد دستوريته في ضوء أحكام الدستور وليس تحديد دلالة النص الدستوري في ذاته.

وحيث إن الأصل في النصوص التشريعية، هو ألا تُحمل على غير مقاصدها، وألا تفسر عباراتها بما يخرجها عن معناها، أو بما يؤول إلى الالتواء بها عن سياقها، أو يعتبر تشويهًا لها؛ سواء بفصلها عن موضوعها أو بمجاوزتها الأغراض المقصودة منها؛ ذلك أن المعاني التي تدل عليها هذه النصوص والتي ينبغي الوقوف عندها، هي تلك التي تعتبر كاشفة عن حقيقة محتواها، مفصحة عما قصده المشرع منها، مبينة عن حقيقة وجهته وغايته من إيرادها، ملقية الضوء على ما عناه بها، ومرد ذلك أن النصوص التشريعية لا تصاغ في الفراغ، ولا يجوز انتزاعها مِن واقعها محددًا بمراعاة المصلحة المقصود منها، وهي بعد مصلحة اجتماعية يتعين أن تدور هذه النصوص في فلكها، ويفترض دومًا أن المشرع رمى إلى بلوغها متخذًا مِن صياغته للنصوص التشريعية سبيلًا إليها، ومِن ثَمَّ تكون هذه المصلحة الاجتماعية غاية نهائية لكل نص تشريعي، وإطارًا لتحديد معناه؛ وموطنًا لضمان الوحدة العضوية للنصوص التي ينتظمها العمل التشريعي، بما يزيل التعارض بين أجزائها، ويكفل اتصال أحكامها وتكاملها وترابطها فيما بينها، لتعدو جميعها منصرفة إلى الوجهة عينها التي ابتغاها المشرع من وراء تقريرها.

(القضية رقم: 1 لسنة 15 قضائية "تفسير" جلسة 30 يناير 1993).

وحيث إن الأصل في النصوص الدستورية أنها تعمل في إطار وحدة عضوية تجعل مِن أحكامها نسيجًا متآلفًا متماسكًا، بما مؤداه أن يكون لكل نص منها مضمون محدد يستقل به عن غيره من النصوص استقلالًا لا يعزلها عن بعضها البعض، وإنما يقيم منها في مجموعها ذلك البنيان الذي يعكس ما ارتأته الإرادة الشعبية أقوم لدعم مصالحها في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولا يجوز بالتالي أن تفسر النصوص الدستورية بما يبتعد بها عن الغاية النهائية المقصودة منها، ولا أن ينظر إليها بوصفها هائمة في الفراغ أو باعتبارها قيما مثالية منفصلة عن محيطها الاجتماعي.

(القضية رقم 76 لسنة 29 قضائية " دستورية" جلسة الأول من أكتوبر سنة 2007).

فإن القاضي الدستوري لا يجعل من نفسه مشرعًا موازيًا للسلطة التشريعية عند قيامه بالتفسير كونه ملزمًا بأن يجري تفسيره للنصوص القانونية في ضوء إرادة المشرع من خلال تحديد مضمون ونطاق القاعدة محل التنازع في إطار الرقابة الدستورية، وفي سبيل عقد المقارنة بين القاعدة محل التفسير والقاعدة الدستورية.

(يُراجع: د. جورجي شفيق ساري: اختصاص المحكمة الدستورية العليا بالتفسير دراسة تحليلية، القاهرة، دار النهضة، 1995. د. فتحي فكري: اختصاص المحكمة الدستورية العليا بالطلب الأصلي بالتفسير، دار النهضة العربية , 1998. د. مجدي مدحت النهري: تفسير النصوص الدستورية في القضاء الدستوري، مكتبة الجلاء الجديدة، المنصورة 2003. د. علي هادي عطية الهلالي: النظرية العامة في تفسير الدستور، منشورات زين الحقوقية، ط1، 2011. د. محمد عماد النجار: الاختصاص بتفسير أحكام الدستور، مجلة المحكمة الدستورية العليا، العدد التاسع والعشرين).

تفسير النص الغامض:

أما إذا كان بالنص محل التفسير القضائي أي غموض فقد اعتمدت المحكمة العليا في الطلب رقم: 5 لسنة 4 قضائية عليا " تفسير" - جلسة 5 إبريل 1975 على:

- المذكرة الإيضاحية للقانون.

- مناقشات مجلس الشعب عند نظر القانون.

- تقرير لجنة الشئون التشريعية بمجلس الأمة.

كما اعتمدت المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم: 20 لسنة 1 ق دستورية - جلسة 4 مايو 1985 على الأعمال التحضيرية للتعديل الدستوري على المادة الثانية الذي تم في 22 مايو 1980.

بعض قواعد التفسير:

وحيث إن قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم: 48 لسنة 1979، بعد أن بين في المادة 26 منه الحالات التي تتولى فيها المحكمة الدستورية العليا تفسير نصوص القوانين والقرارات بقوانين الصادرة من رئيس الجمهورية، نص في المادة 33 على أن: "يقدم طلب التفسير من وزير العدل بناءً على طلب رئيس مجلس الوزراء أو رئيس مجلس الشعب أو المجلس الأعلى للهيئات القضائية... "، ومؤدى ذلك أن المشرع قصر الحق في تقديم طلبات التفسير على الجهات المحددة في المادة: 33 المشار إليها، وذلك عن طريق وزير العدل.

... وحيث إن اختصاص المحكمة الدستورية العليا بتفسير النصوص التشريعية -وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الايضاحية لقانونها- لا يصادر حق جهات القضاء الأخرى في تفسير القوانين وإنزال تفسيرها على الواقعة المعروضة عليها ما دام لم يصدر بشأن النص المطروح أمامها تفسير ملزم مِن السلطة التشريعية أو من المحكمة الدستورية العليا.

(طلب التفسير رقم 1 لسنة 2 قضائية - جلسة 17 يناير 1981).

وحيث إن مناط قبول طلب تفسير نصوص القوانين الصادرة من السلطة التشريعية والقرارات بقوانين التي يصدرها رئيس الجمهورية - طبقا للمادة 26 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979- هو أن تكون هذه النصوص قد أثارت خلافًا في التطبيق، وأن يكون لها من الأهمية ما يقتضى توحيد تفسيرها، ومؤدى ذلك أن يكون النص المطلوب تفسيره علاوة على أهميته، قد اختلف تطبيقه على نحو لا تتحقق به المساواة بين المخاطبين بأحكامه أمام القانون رغم تماثل مراكزهم وظروفهم، بحيث يستوجب الأمر طلب إصدار قرارٍ مِن المحكمة الدستورية العليا بتفسير هذا النص تفسيرًا ملزمًا، إرساءً لمدلوله القانوني السليم وتحقيقًا لوحدة تطبيقه.

(طلب التفسير رقم 2 لسنة 2 قضائية - جلسة 3 يناير 1981).

وحيث إن الفقرة الثانية من المادة الرابعة من قانون المحكمة العليا الصادر بالقرار بقانون رقم 81 لسنة 1969 -الذي رفعت الدعوى في ظله- تنص على أن: "تختص المحكمة العليا بتفسير النصوص القانونية التي تستدعى ذلك بسبب طبيعتها أو أهميتها ضمانا لوحدة التطبيق القضائي، وذلك بناء على طلب وزير العدل.." كما تنص المادة 14 من قانون الإجراءات والرسوم أمام المحكمة العليا الصادر بالقانون رقم: 66 لسنة 1970 على أنه: "يجب أن يتضمن الطلب المقدم من وزير العدل النص القانوني المطلوب تفسيره، وتقدم مع الطلبات مذكرة توضح فيها الأسانيد والمبررات التي تستدعى التفسير... "، ومؤدى ذلك أن المشرع قد ناط بوزير العدل وحده تقديم طلبات تفسير النصوص القانونية إلى المحكمة العليا إذا ما توافرت الأسانيد والمبررات التي تقتضي تفسير النص.

لما كان ذلك، وكان طلب التفسير الماثل قد قدم إلى المحكمة من غير وزير العدل وذلك بالمخالفة لأحكام المادتين سالفتي الذكر فإنه يكون غير مقبول.

(طلب التفسير رقم 4 لسنة 1 قضائية - جلسة 5 إبريل 1980).

إن نظام الرقابة الدستورية في مصر يقتصر على دستورية القوانين واللوائح، ولا يسمح للمحكمة بتفسير نصوص الدستور ذاته.

وتطبيقًا لذلك قالت المحكمة الدستورية العليا في مصر:

"بعد الاطلاع على الأوراق والمداولة، حيث إن الطلب ينصب على تفسير نص المادة 99 من الدستور الصادر في 11 سبتمبر سنة 1971، وحيث إن المادة 26 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 والمعمول به اعتبارًا من 21 من سبتمبر سنة 1979 إذ نصت على أن: "تتولى المحكمة الدستورية العليا تفسير نصوص القوانين الصادرة من السلطة التشريعية والقرارات بقوانين الصادرة من رئيس الجمهورية وفقا لأحكام الدستور... "، فإن مؤدى ذلك أن ولاية هذه المحكمة لا تمتد إلى تفسير نصوص الدستور الذى لم يصدر من أي من هاتين السلطتين، وإنما أعلنته وقبلته ومنحته لأنفسها جماهير شعب مصر طبقا لما جاء في وثيقة إعلانه، وهو ما يتعين معه عدم قبول الطلب.

هذه الأسباب حكمت المحكمة بعدم قبول الطلب.طلب التفسير رقم 1 لسنة 1 قضائية - جلسة أول مارس 1980)

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

تصنيفات المادة

ربما يهمك أيضاً