الجمعة، ٣ ذو القعدة ١٤٤٥ هـ ، ١٠ مايو ٢٠٢٤
بحث متقدم

الخطاب السلفي وجرح الكرامة الغائر!

الخطاب السلفي وجرح الكرامة الغائر!
الجمعة ٢٣ مايو ٢٠٠٨ - ١٦:٠٠ م
72

 

الخطاب السلفي وجرح الكرامة الغائر!

كتبه/ ياسر برهامي

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فمشكلة كبيرة واجهها إخواننا الخطباء والمدرسون في المساجد مع العوام في معالجة قضية الحرب بين حزب الله وإسرائيل، حين ظن كل واحد منهم نفسه أنه الشيخ "محمد إسماعيل" يحاضِر الإخوة طلاب العلم في مسجد "الفتح" الذين يَقبلون منه ما يقوله مهما كان غريبًا على أسماع عامة الناس وعواطفهم "لأنهم قد تأهلوا مِن قبْل على إعمال العقل، واتباع الدليل، وتوجيه العاطفة تبعًا لذلك"، لكن الحال في الحقيقة لم يكن كذلك؛ إذ اصطدم أكثر الإخوة الخطباء بعواطف عامة الناس المتأججة ضد اليهود، وفرحًا بما يناله حزب الله منهم.

وجرح الكرامة الغائر لدى أبناء الأمة يزيد مِن تأجج هذه العواطف، ويلغي عند الكثيرين عمق الخلاف العقائدي والمنهجي مع الرافضة الذين يُظهِرون محاولة تضميد هذا الجرح، فإذا بأكثر السلفيين يصبون هجومهم على حزب الله أكثر مِن اليهود، مع المعرفة القطعية بالعداء لليهود، ولكن في نسبة المساحة من الخطاب الإعلامي في الخطبة أو الدرس أو الكلمة، وإن كنت أعذرهم لأنهم يرون خطرًا داهمًا يوشك أن يطرق الأبواب، وهو خطر التشيع والبدع والضلال.

ولكن لابد أن يعالَج المرض بالدواء المناسب وبالجرعة المناسبة في التوقيت المناسب، وقد تكون الجرعة الشديدة مضرة بالمريض لا يحتملها في بعض أوقات مرضه؛ فلابد أن يراعَى حاله حتى لو كان الدواء صحيحًا -في معالجة هذا المرض- خصوصًا أن الخطر الآخر خطر الكفار من اليهود والنصارى والمنافقين ليس فقط على الأبواب، بل قد دخل بالفعل.

وهناك مَن لا يزال يرى خيار السلام حتى آخر قطرة مِن دم المسلمين، وحتى آخر درجة من درجات الانحناء والركوع! ويرى زوال العداوة مع هؤلاء ضرورة حياة له ولأمثاله!

فهلاّ انتبه الخطباء والمتكلمون إلى تناسب الجرعات -ونحن لا نقلل من خطر الروافض، ولكن نقول: لكل مقام مقال-، ولا شك أن اختيار بعض الآراء المرجوحة في تكفير الشيعة بالعموم وعلى الأعيان كان له أثره في هذه القضية مع أن قول جماهير أهل السنة: عدم تكفيرهم بالعموم ولا بالأعيان، وإن كانت أقوالهم وعقائدهم تتضمن أنواعًا مِن الكفر، لكن لابد مِن استيفاء الشروط وانتفاء الموانع.

وإذا كنا لا نكفر أعيان العلمانيين لأجل هذه الشروط والموانع؛ فكيف بهؤلاء على جهالتهم وتأويلهم؟! ولعلنا قد فصَّلنا مِن كلام شيخ الإسلام ابن تيمية -وهو أحد ألد أعداء الرافضة- ونحن على قوله "ترجيح عدم تكفير المعين منهم إلا بعد استيفاء الشروط وانتفاء الموانع".

فنصيحتنا إلى إخواننا الخطباء والمدرسين والمتكلمين، والوعاظ والمفتين: مراعاة التناسب في جرعة الغضب والهجوم على اليهود والأمريكان ومَن يواليهم، وجرعة التحذير مِن خطر التشيع، وحال المريض المستمع المنصت الذي جاء إلى المسجد ليجد تفريج بعض الكرب -لا زيادته-؛ فلعله أن يذهب بعيدًا ثم لا يعود.

وعلى أي حال فقضية التحذير مِن خطر الرافضة تحتاج إلى علاج طويل الأمد، مستمر الجرعات ببيان عقيدة أهل السنة في أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- وأهل بيته -رضوان الله عليهم-، وقضية الإمامة والخلافة بأدلة الكتاب والسُّنة، وبيان لماذا صارت مِن مسائل الأصول؟

والله المستعان.


تصنيفات المادة