الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فسؤالك هذا يوجَّه إليهم: هل كان مشادة الإسرائيلي للفرعوني وتسببه في قتل موسى -عليه السلام- له، ثم خروجه مِن مصر مِن عمل الشيطان أم مِن أمر الرحمن؟! قال الله -عز وجل- على لسان موسى -عليه السلام-: (قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ) (القصص:15).
وهل مشادة الرجل مَن لا يقدر عليه غواية أم هداية؟! قال الله -عز وجل-: (فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ قَالَ لَهُ مُوسَى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ) (القصص:18).
فإذا كان هذا بنص "القرآن الكريم" مِن عمل الشيطان، وكان غواية بينة، ولم يكن موسى -عليه السلام- هو الذي تسبب فيها، بل ذلك الإسرائيلي الأرعن الغوي مع قوم كفار طغاة بلغ مِن كفرهم أن قال طاغوتهم فرعون: (أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى) (النازعات:24)، وقال: (مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي) (القصص:38)، وبلغ مِن ظلمه وعدوانه على المسلمين أنه يقتل أبناءهم ذبحًا أمام أعين أمهاتهم، ويستحيي نساءهم للخدمة والإهانة والإذلال، ومع ذلك كان هذا مِن مؤامرة الشيطان ببني إسرائيل، ومِن عمله وكيده للإضرار بالجماعة المؤمنة.
فكيف أيها العقلاء تفعلون ذلك مع قوم مسلمين لا يختلفون عنكم في مسألة الحكم بما أنزل الله؟! بل وفي صور مِن الظلم والعدوان، وإخلاف الوعد والكذب! مع أن ذلك ليس مِن جميعهم، بل مِن بعضهم.
وما لكم والقياس على خروج موسى -صلى الله عليه وسلم- مِن مصر؟! وموسى -عليه السلام- نفسه قال عن فعلته التي فعل: (فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ) (الشعراء:20). أي: بالنسبة إلى العلم والحكمة التي أوتيها بعد النبوة والرسالة.
أم أنكم تأخذون مِن القصة ما تهوون وتتركون ما هو أوضح دلالة وأظهر حجة؛ لأنه يخالف أهواءكم؟!
مع أن الكتاب كله يصدق بعضه بعضًا، ويسير في اتجاه واحد لو كان عندكم وعند قادتكم بعض العلم بهدي الأنبياء في التغيير، والسنن الشرعية والكونية.
والله المستعان.
موقع أنا السلفي