الجمعة، ١٨ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٢٦ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

صفحات مطوية من القضية الفلسطينية قبل قيام دولة إسرائيل -31

"مِن قرار تقسيم فلسطين إلى إنهاء الانتداب البريطاني"

صفحات مطوية من القضية الفلسطينية قبل قيام دولة إسرائيل -31
علاء بكر
الأربعاء ١٣ مايو ٢٠١٥ - ١٢:٤٨ م
1244

صفحات مطوية من القضية الفلسطينية قبل قيام دولة إسرائيل (31)

"مِن قرار تقسيم فلسطين إلى إنهاء الانتداب البريطاني"

كتبه/ علاء بكر

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فقد صدر قرار الأمم المتحدة بتقسيم فلسطين بيْن العرب واليهود، ومنح اليهود -الذين جاءوا مِن شتى بقاع الأرض- من أرض فلسطين ما يفوق بكثير ما تحت أيديهم، ولا يتناسب مع أعدادهم الفعلية في فلسطين وقت صدور القرار، على حساب الشعب العربي الفلسطيني صاحب الأرض، والذي يمتلك أكثر هذه الأرض، ويمثـِّل الثلثين من السكان المتواجدين وقت صدور القرار، ويرفض بشدة هؤلاء اليهود الغرباء.

وقد سارع مندوب بريطانيا بإعلان أن حكومته تقبل القرار، وستبذل كل المساعدات الممكنة لتطبيقه، ورفض الفلسطينيون والشعوب العربية والإسلامية قرار التقسيم المجحف؛ مما أجبر الحكومات العربية على إظهار الوقوف إلى جانب الفلسطينيين.

وحيث إن الفلسطينيين تحت الانتداب البريطاني ليس لهم قوة عسكرية منظمة؛ فقد تطلع الفلسطينيون إلى الجامعة العربية لتوفير الاحتياجات الدفاعية للفلسطينيين؛ ولذا قررت الجامعة العربية إنشاء اللجنة العسكرية الفنية في سبتمبر 1947م لبحث المتطلبات الدفاعية للفلسطينيين، والتي أكدت أنه ليس للفلسطينيين قوات منظمة مسلحة، وليس لديهم سلاح يوازي ما عند الصهاينة، وأنه مِن المستحيل التغلب على القوات الصهيونية في فلسطين باستخدام قوات غير نظامية.

وقد اجتمعت الدول العربية في "القاهرة" بعد أسبوع من صدور قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، وقررت إعداد جيش الإنقاذ "لإنقاذ فلسطين"، وقررت اللجنة الفنية العسكرية أن يضم الجيش 3000 متطوع من بينهم 500 فلسطيني، وقررت الجامعة في 12 أبريل 1948م زحف جيشها إلى فلسطين عند انتهاء الانتداب البريطاني وانسحاب بريطانيا من فلسطين منتصف مايو 1948م، واكتفت الجامعة العربية بذلك في انتظار ما ستسفر عنه الأحداث!

وفي الجانب الآخر: توقع اليهود أن هناك حربًا قادمة لا محالة لقيام دولتهم في فلسطين، فأخذوا يعدون العدة لذلك، وعمدوا إلى نشر الفزع والذعر بيْن الفلسطينيين لإجبارهم على ترك أرضهم وقراهم ومدنهم بالقوة.

وعقب صدور قرار التقسيم بدأت المنظمات الصهيونية سلسلة مِن الهجمات الإرهابية ضد الفلسطينيين المدنيين العزل في المناطق المقترحة لإقامة الدولة اليهودية لطردهم منها، كما قاموا باستخدام السيارات المفخخة لتفجير المراكز الحكومية التي يديرها الفلسطينيون لإضعاف كيان الدولة الفلسطينية لتبدو كأنها غير قادرة على الاستمرار والبقاء.

وقام الصهاينة بدعوة شباب اليهود في فلسطين بيْن سن 17-25 سنة للدخول في الخدمة العسكرية، فبلغ مجموع القوات اليهودية العسكرية في فلسطين نحو 70 ألف مقاتل، معظمهم مسلحون مدربون، في مقدمتهم الميليشيات الصهيونية المسلحة جيدة التدريب والإعداد.

ومنها "الهاجانا": وهي تضم ثلاث فرق من سكان المدن ورجال المستعمرات المسلحين، وتضم عشرات الآلاف من المقاتلين، ومجهزة بكميات كبيرة من الأسلحة والذخائر التي حصلت عليها من الحملات العسكرية البريطانية في المنطقة التي كانت تتعاون معها، وخبأتها في مخابئ مبنية لهذا الغرض في المستوطنات اليهودية في فلسطين.

ومنها منظمة "أراجون": وتضم حوالي 5 آلاف رجل.

ومجموعة "شتيرن": وبها المئات من الرجال، إلى جانب اليهود المتطوعين من خارج فلسطين.

وقد عمدت المنظمات الصهيونية إلى تصعيد عملياتها العسكرية كلما اقترب موعد إلغاء الانتداب البريطاني على فلسطين؛ لاحتلال أكبر قدرٍ ممكن مِن القرى والمدن الفلسطينية بالتهجير الجماعي بالقوة للفلسطينيين، حيث قام اليهود بتجزئة المناطق المخصصة للدولة العربية طبقًا لقرار التقسيم، وضربها في العمق بالاستيلاء على المحاور الرئيسة فيها، وهو ما عرف بخطة "دالت"، والتي تم تنفيذها في الأسابيع الأخيرة السابقة لإنهاء الانتداب، ونفـَّذ اليهود خلالها الكثير من المذابح الفظيعة ضد الفلسطينيين، ومِن أشهرها: "مذبحة دير ياسين".

واحتل اليهود "طبريا" بعد انسحاب القوات البريطانية منها، والتي كان مِن مهامها حفظ الأمن حتى نهاية الانتداب، وترتب على ذلك نزوح الكثير من الفلسطينيين إلى شرق الأردن وسوريا، كما احتل اليهود "حيفا" بعد انسحاب القوات البريطانية منها، وتم طرد الآلاف من أهلها الفلسطينيين عن طريق البحر والبر إلى لبنان ومصر، وحاصر اليهود "يافا"؛ فهرب الكثير من الفلسطينيين العزل إلى غزة.

واحتل اليهود أحياءً من القدس الغربية، وطَردوا منها الكثير من الفلسطينيين باتجاه "رام الله" وبيت لحم وشرق الأردن، واحتلوا "صفد"، وطردوا الكثير من أهلها باتجاه سوريا ولبنان، وسقطت "بيسان" والقرى العربية في السهل الأوسط بين الرملة واللطرون، وفي الجنوب احتل اليهود القرى الموصلة إلى النقب، وقاموا بتشريد أهلها.

تم ذلك كله بتواطؤ مِن القوات البريطانية التي كان يجب عليها حماية الفلسطينيين من الهجمات اليهودية، وتوفير الأمن في البلاد لحين انتهاء الانتداب، وفي غفلة من الدول العربية التي لم تأخذ الأمر بالجدية المطلوبة، ولا بالاستعداد الواجب في انتظار ما ستفسر عنه الأحداث.

واستطاع اليهود بذلك السيطرة على المناطق المقررة للدولة اليهودية، وعلى المحاور الرئيسية في المناطق المخصصة للدولة العربية المقترحة، وبسط نفوذهم على أكثر فلسطين، وتشريد وطرد، وقتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين؛ فتحسنت أوضاعهم، وصاروا مهيئين للحل العسكري.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة